وحاصل كلامه :
١ ـ إن المورد من قبيل القسم الثالث من أقسام الكلّي ، ولا يجري فيه الاستصحاب ، إلاّ إذا كان الباقي من مراتب الزائل ، كما في الشدّة والضّعف مثلاً.
٢ ـ إن الأحكام الخمسة متباينات عقلاً وعرفاً ، إلاّ في الوجوب والاستحباب ، فإنهما متباينان عرفاً ومختلفان في المرتبة عقلاً ، فإذا ارتفع الوجوب لا يصح القول ببقاء الاستحباب من باب الاستصحاب ، للتباين العرفي بينهما ، إذ الملاك في الاستصحاب هو الوحدة العرفيّة في موضوع القضيّتين.
قال الأُستاذ
والتحقيق هو النظر في المسألة على ضوء المباني (١) في حقيقة الوجوب :
فإن قلنا : بأنه مركّب من البعث إلى الفعل مع المنع من الترك تركيباً انضماميّاً ، فإنه إذا نسخ الوجوب وشك في أنّ الزائل هو الجزءان أو خصوص المنع من الترك ، كان هذا الجزء مقطوع الزوال والآخر ـ وهو البعث إلى الفعل ـ مشكوك فيه ، وعليه فلا إشكال في جريان الاستصحاب ، وهو استصحاب فرد واحدٍ شخصي.
وبعبارةٍ أُخرى : الزائل مردّد بين الأقل والأكثر ، وقد كان زوال الأقل متيقّناً ، وزوال الأكثر مشكوك فيه ، فيستصحب.
وإن قلنا : بأن الوجوب بسيط لا مركّب ، فهنا لا يتصوّر إلاّ القسم الثاني من القسم الثالث من استصحاب الكلّي الذي اتّفقوا على عدم جريانه.
وإن قلنا : بمسلك المحقق العراقي ، كان المورد ـ على تقديرٍ ـ من قبيل القسم الأخير من أقسام الكلّي ، وهو كون المستصحب ذا مراتب ، ومن قبيل القسم
__________________
(١) تقدّم ذكرها في المقام الأول.