ذي المقدّمة ، فقد اعتبر فيها قصد القربة والمفروض انتفاؤه ، قاله شيخنا دام بقاه.
وأمّا الإشكال الثالث ـ الذي تعرّض له في كتاب الطهارة في كيفيّة نيّة الوضوء ـ فهو : إنّ الأمر الغيري قد تعلّق بالمقدّمة المتحقّقة خارجاً ، لا بعنوان المقدّمة ، فالوضوء الواقع مقدّمة للصّلاة ـ سواء قلنا بأنّ الطهارة رافعة للحدث المانع من الدخول في الصلاة أو قلنا بأنّها شرط للصّلاة ـ فهو رافع أو شرط إن أُتي به وتحقّق مع قصد القربة ... فالأمر الغيري يتوقّف تحقّقه على كون متعلّقه مقدّمةً قبل أن يتوجّه إليه الأمر ويتعلّق به ، وثبوت مقدّمية المتعلّق موقوفٌ على كونه مأتياً به عبادةً ، لكنّ عباديّته إنّما تحصل بتعلّق الأمر الغيري به ، وهذا دور.
وأورد عليه الميرزا (١) : بأنّ هذا الدور لا يتوقّف على تحقّق المتعلّق والإتيان به على وجه العباديّة ، بل هو حاصل في مرحلة جعل المتعلّق وتوجّه التكليف به ، ففي تلك المرحلة لا بدّ لإرادة الشارع جعل الأمر الغيري من متعلّق ، ولا بدّ من أن يكون عبادةً ـ وإلاّ لا يكون رافعاً للحدث أو شرطاً للدخول في الصّلاة ـ فجعل الأمر الغيري موقوف على عباديّة الوضوء مثلاً ، وعباديّته موقوفة على جعل الأمر الغيري ... فالدور حاصل ، سواء وصل الأمر إلى مرحلة التحقّق خارجاً أو لا.
ثمّ أجاب عن الدور : بأنّ عباديّة الوضوء ليست من ناحية الأمر الغيري ، بل من جهة استحبابه النفسي الموجود قبل تعلّق الأمر الغيري به.
فقال الأُستاذ : لكنّ الإشكال في مورد الجاهل والغافل باقٍ على حال ، فإمّا أن ترفع اليد عن عباديّة الطهارات في حقّهما ، وامّا يقال بأنّ عباديّتها جاءت من ناحية الأمر الغيري ، فيعود محذور الدور.
ولكنْ لا يبعد أن يكون نظر الشيخ في تقريب الدور إلى لزومه في مرحلة
__________________
(١) أجود التقريرات ١ / ٢٥٧.