الإتيان بقصد القربة وبالوجه الحسن يختصُّ بالطهارات الثلاث فقط.
وثانياً : ما ذكره المحقّق الخراساني من أنّه كما يمكن قصد ذلك العنوان ـ الموجب لحسن العمل والمجهول عندنا ـ بطريقيّة الأمر الغيري ، كذلك يمكن قصده بنحو التوصيف ، كأن يقصد الوضوء بوصف كونه مأموراً به ، فلا يكون إتيانه بالوضوء بداعويّة الأمر وطريقيّته ، وإذا أمكن قصد تلك الخصوصيّة المجهولة بالتوصيف ـ لا بمحركيّة الأمر الغيري ـ أمكن أنْ يكون الداعي شيئاً آخر غير أخذ الشارع ، فمن أين تحصل العباديّة؟
هذا ، وذكر المحقّق الخراساني وجهاً آخر وهو : إنّه لا ريب في عباديّة نفس الصّلاة ، وأنّها يؤتى بها بالوجه القربي ـ سواء بالأمر الأوّل أو بالأمر الثاني ـ وكما أنّ الأمر قد اقتضى الإتيان بذي المقدّمة ـ أي الصّلاة ـ بوجهٍ قربي ، كذلك يقتضي أن يؤتى بمقدّماته على الوجه المزبور. إذن ، لم يكن الإتيان بالطّهارات بالأمر الغيري ، ليرد الإشكال بأنّه لا يوجب العباديّة ، بل إنّه باقتضاء الأمر بالصّلاة نفسه.
قال الأُستاذ : حاصله : لزوم الاتيان بالطهارات بقصد القربة باقتضاء نفس الأمر المتوجّه إلى الصّلاة ، لكنّ هذا الوجه لم يوضّح كيفيّة تأثير الأمر المتعلّق بالصّلاة في مقدّمات الصّلاة وهي الطهارات الثلاث.
وذكر المحقّق الخراساني وجهاً آخر وحاصله : أنّه كما تمّت العباديّة للصّلاة بمجموع أمرين ، تعلّق الأوّل بالأقوال والأفعال والثاني بوجوب الإتيان بها بقصد القربة ، كذلك تتمّ العبادية للطّهارات بأمرين ، أفاد أحدهما وجوب الإتيان بالغسلات والمسحات ـ في الوضوء مثلاً ـ والثاني وجوب الإتيان بها بقصد القربة وداعي الأمر الشرعي ... فلا تكون عباديّتها بالأمر الغيري.