قال الأُستاذ :
وفيه : الفرق الواضح بين الصّلاة والطهارات ، لأنّ الأمر الأوّل المتعلّق بأجزاء الصّلاة كان أمراً نفسيّاً ، وهو مقرّب ، والامتثال له موجب للثواب ، بخلاف الأمر في الطهارات ، فإنّ الأمر الأوّل فيها غيري ، فلو جاء أمر آخر يقول بلزوم الإتيان بها بداعي الأمر ، فأيّ أمر هو المقصود؟ إن كان الأمر الأوّل فهو غيري ، والأمر الغيري لا يستتبع ثواباً وعقاباً ، وإنْ كان غيره فما هو؟
وتلخص :
إن مشكلة عدم استتباع الأمر الغيري للثواب والعقاب باقية على المبنى ، وأنّه كيف يكون ممتثلاً من أتى بالطهارة مع الغفلة عن الاستحباب النفسي لها؟
وذكر المحقّق الايرواني : أنّ الاشكال المهم في المقام هو : عدم إمكان عباديّة المقدّمة التي تعلّق بها الأمر الغيري ، لأنّها إنّما جعلت مقدّمة من أجل التوصّل بها إلى ذيها ، فبنفس الغسلات والمسحات يتحقّق المقدّمة ولا يعتبر فيه قصد القربة.
فأجاب : بأنّ توقّف الصّلاة على الطهارة ليس من قبيل توقّف الكون على السطح على نصب السلّم ، إذ الأمر بذلك غير مقيّد بنصبه ، بخلاف بنصبه ، لكنّ الأمر بالصّلاة فإنه مقيَّد بالطهارة ، فيكون تقيّدها بها داخلاً في المأمور به ، فكانت الصّلاة مركّبةً من الأجزاء الواقعيّة كالتكبير والركوع والسجود ... ومن جزءٍ عقلي هو تقيّدها بالطّهارة ... ولمّا كانت الصّلاة عبادة مقيّدةً بهذه القيود ، فإنّ مقتضى عباديّتها أن يؤتى بجميع القيود على الوجه القربي ومنها التقيد المذكور ، لكن الإتيان ب «التقيّد» على الوجه المذكور لا يتحقّق إلاّ بالإتيان ب «القيد» وهو «الوضوء» مثلاً على ذلك الوجه ... فتحقّق العباديّة للطهارات الثلاث ولزوم