٤ ـ ولعل الحس الذي سمعته غطفان ، وخافت أن يكون في أهليها قد جاء ليؤكد شدة خوفهم ، ومدى رعبهم في قبال جيش المسلمين ، على قاعدة : (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ) (١). لمجرد أنهم علموا بتوجه المسلمين نحو خيبر ، رغم أنهم يعرفون : أن طريق النبي «صلىاللهعليهوآله» الآتي من المدينة إلى خيبر لا تمرّ بهم ، لأن طريق غطفان إلى خيبر كانت من جهة الشام.
وقد استطاع النبي «صلىاللهعليهوآله» في هذا الالتفاف اللافت : أن يقطع هذه الطريق عليهم ، كما أسلفنا ..
٥ ـ إن غطفان لم تكن صادقة فيما ادّعته : من أنها تريد أن تستجيب لنداء الجيرة والعهد ، حيث قالوا : هم جيراننا وحلفاؤنا. فإنه إذا كان هذا هو دافعهم الحقيقي فلماذا يكلفون اليهود نصف ثمار خيبر؟ فإنها إذا كانت تريد أن تفي بالتزاماتها الأخلاقية ، وتستجيب لنداء الجيرة ، وتنفذ عهدها فيما بينهم وبينها. فلا حاجة إلى هذه الأموال ..
بل إن قبولها من المتبرع بها ، فضلا عن المطالبة بها عيب ، وعار ، وخسة ، وصغار.
٦ ـ وإذا كانت غطفان قد خافت من إغارة المسلمين على ديارها وأهلها ، فقد كان بإمكانها أن ترسل سرية ـ لو رمزية ـ من رجالها ، لمساعدة اليهود ، قضاء لحق الجيرة ، ووفاء بالعهد والحلف. ويبقى الآخرون لدفع المهاجمين المحتملين.
__________________
(١) الآية ٤ من سورة المنافقون.