ثم الزموا الأرض جلوسا ، فإذا غشوكم ، فانهضوا ، وكبروا (١).
ونحن نشك في صحة هذه الرواية من أساسها.
فأولا : إن القتال كله كان مع المدافعين عن حصن ناعم ، فما معنى قولهم : «ولا يظن محمود : أن فيه أحدا من المقاتلة ، إنما ظن : أن فيه متاعا وأثاثا»؟! فهل ترك المقاتلون حصنهم ، وتاهوا في الصحراء؟!
ثانيا : إذا كان اليهود بعد القتال قد دخلوا حصنهم. فإن من غير المعقول : أن يحارب محمود بن مسلمة اليهود حتى أعياه الحرب ، وثقل السلاح ، ثم يجلس في أسفل حصنهم ليستريح.
إذ أي عاقل لا يخطر في باله : أن اليهود قد يفكرون في إلقاء حجر عليه لقتله ، وأن عليه أن يتحرز من ذلك؟!
وقد علم الناس كلهم : أن سبب حرب النبي «صلىاللهعليهوآله» لبني النضير ، حتى أجلاهم من ديارهم ، هو : أنه جاءهم مع أصحابه في أمر ، وجلس إلى بعض بيوتهم ، فحاولوا إلقاء حجر عليه لقتله ، فأخبره الله تعالى بذلك فقام وتركهم ، وكانت الحرب.
فإذا كان هذا حال اليهود في السلم ، فكيف ستكون حالهم في الحرب؟! ولا سيما بعد حصول معركة حامية يعيا فيها المحارب ..
ألم يسمع محمود بحرب النضير؟!
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٤ وراجع : المعجم الصغير ج ٢ ص ١٣٦ والمستدرك على الصحيحين ج ٣ ص ٣٨ ومجمع الزوائد ج ٥ ص ٣٢٨ وج ٦ ص ١٥١ وكتاب الدعاء للطبراني ص ٣٢٨ وكنز العمال ج ٤ ص ٣٦١ وعيون الأثر ج ٢ ص ١٣٦.