الله تعالى ، وجد نفسه قادرا على أدائها ..
وقد تركه الناس يمارس هذا العمل ، وسارعوا إلى الحضور عند رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، على أمل أن يفوزوا بشرف حمل الراية حين علموا : بأن ثمة أوسمة هامة ، تؤهلهم لتبوء مناصب ، وتحلهم في مراتب كانوا يحلمون بها ، ومنها : أن حاملها سوف يفتح الله على يديه.
نعم ، لقد سارعوا إلى مجلس رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، واستشرفوا للراية ، وطلبوها ، رغم الفرار الذي كان قد صدر منهم عن قريب.
فهل كانوا ذاهلين عن أن الله تعالى إنما يفتح على يدي من كان كرارا غير فرار؟!.
ومن كان الله ورسوله أحب إليه حتى من نفسه؟!.
ومن كان باذلا نفسه في كل ما يرضي الله ورسوله ، حتى صار حبيبا لهما؟!
ومن لا يعتبر إعطاء الراية له مكسبا دنيويا ، بل هو يعتبره عطاء إلهيا يعبر عنه بقوله : اللهم لا مانع لما أعطيت؟! (١).
ومن لا يخالف ما يأمره به رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، حتى فيما قد يراه الكثير من الناس شكليا ، أو أمرا عاديا؟!
حتى إنه حينما قال له : اذهب ولا تلتفت ، مشى قليلا ، ووقف ولم يلتفت ، وسأل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : علام أقاتلهم؟! أو علام أقاتل الناس؟!
__________________
(١) قد ذكرنا مصادر هذه الكلمة في موضع آخر من هذا الكتاب.