فانهار الصخر المنقور ، وصار الباب في يده اليسرى.
فحملت عليه اليهود ، فجعل ذلك ترسا له ، وحمل عليهم فضرب مرحبا فقتله ، وانهزم اليهود من بين يديه ؛ فرمى عند ذلك الحجر بيده اليسرى إلى خلفه ، فمر الحجر الذي هو الباب على رؤس الناس من المسلمين إلى أن وقع في آخر العسكر.
قال المسلمون : فذرعنا المسافة التي مضى فيها الباب فكانت أربعين ذراعا ، ثم اجتمعنا على الباب لنرفعه من الأرض وكنا أربعين رجلا حتى تهيأ لنا أن نرفعه قليلا من الأرض» (١).
ونقول :
إننا نذكر القارئ بالأمور التالية :
١ ـ إن من ينقض العهود ، ويخون المواثيق إنما يعامله الناس بحزم وبقسوة ، ولا يعطونه عادة أي خيار ، ولا يمنحونه أية فرصة للاختيار ، أما إذا تكررت تلك الخيانات ، وظهر تصميمه على ممارسة العدوان في أية فرصة تسنح له ، فلا يترددون في سحقه ، وتدميره ، واقتلاعه من جذوره ..
ولكن نبينا الأعظم «صلىاللهعليهوآله» ، لم يعامل اليهود بهذه الروحية ، بل عاملهم بالعفو وبالتسامح ، وبالسعي لمجرد إبطال كيدهم ، ودفع شرهم. رغم تكرر خياناتهم له ، وإصرارهم على نقض العهود ، وإعلانهم الحرب عليه.
__________________
(١) البحار ج ٢١ ص ٢٩ والخرايج والجرايح ج ١ ص ١٦١ وراجع : إحقاق الحق ج ٥ ص ٣٦٨.