ولكن الحقيقة هي : أنه لا غرابة في ذلك ، فإن الآيات قد صرحت بأن إبليس كان من الجن .. والجن كما دلت عليه الروايات يقدرون على التمثل ، تماما كما يقدر الملائكة على ذلك.
وقد دلت الآيات والروايات على تمثل الملائكة ، قال تعالى : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) (١).
وكان جبرئيل يتمثل بصورة دحية الكلبي ـ على حد زعمهم ـ.
وقد ذكر الله تعالى : أن إبليس كان من الجن ، فقال : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) (٢).
وأشارت الروايات : إلى أن الجن أيضا يتمثلون بصورة البشر ، ويدل على ذلك : ما ورد من أن إبليس قد تمثل لقريش حينما تآمروا على قتل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وأشار عليهم باختيار عشرة من الرجال ـ كل واحد من قبيلة ـ ويبيّتوا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ويضربوه بأسيافهم ليضيع دمه في القبائل ..
فقبلوا مشورته ، وحاولوا تنفيذها في ليلة الهجرة ، حيث بات علي «عليهالسلام» في فراش الرسول «صلىاللهعليهوآله» ، فنجى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بسبب ذلك (٣).
وقد روي عن الحارث الأعور قال : بينا أمير المؤمنين «عليهالسلام»
__________________
(١) الآية ١٧ من سورة مريم.
(٢) الآية ٥٠ من سورة الكهف.
(٣) تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٦٨ والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٧٥ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٢١ و ٣٢٢.