ولأنها ريف الحجاز طعاما وودكا وأموالا ، فقال «صلىاللهعليهوآله» :
«لا تخرجوا معي إلا راغبين في الجهاد ، فأما الغنيمة فلا» (١).
ثم أمر مناديا ينادي بذلك ، فنادى به (٢).
ونقول :
١ ـ إن غزوة الحديبية كانت بمثابة امتحان للكثيرين ، من حيث إن نتائجها لم تكن واضحة لكثير من الناس الذين يرصدون سير الأمور فيها.
مع أن الحقيقة هي : أنه قد كان فيها ما لم يكن متوقعا ، فإن النتائج كانت باهرة على أكثر من صعيد ، وفي أكثر من اتجاه.
٢ ـ ومن النتائج التي ظهرت : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد أصبح قادرا على المبادرة لإزالة الشوكة الجارحة من خاصرة الكيان الإسلامي ، المتمثلة باليهود ، الذين ما فتئوا يسعون في إثارة الناس ضده ، ويحرضون القبائل المختلفة على حربه ، ويشاركون في هذه الحروب بالمال والرجال ، وإفساد القلوب ، وتسميم الأجواء باستمرار.
٣ ـ إن العدو الذي كان له امتداد طبيعي في المنطقة ، بسبب موقعه من المقدسات ، وبسبب علاقاته ، ونفوذه الديني والتجاري ، والاجتماعي في المنطقة ـ إن هذا العدو ـ قد لجم ، وأقصي عن موقع التأثير المباشر ، وتهيأت الفرصة لكثير من الناس لممارسة حرياتهم ، في التعرف على دعوة الإسلام
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١١٥ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٣١ والإمتاع للمقريزي ص ٣١٠ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٣٤.
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣١ والإمتاع للمقريزي ص ٣١٠ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٣٤.