وإضافة (الْماءُ) إلى (الأرض) لأدنى ملابسة لكونه في وجهها.
وإقلاع السماء مستعار لكفّ نزول المطر منها لأنه إذا كفّ نزول المطر لم يخلف الماء الذي غار في الأرض ، ولذلك قدّم الأمر بالبلع لأنّه السبب الأعظم لغيض الماء.
وفي قران الأرض والسماء محسّن الطباق ، وفي مقابلة (ابلعي) ب (أَقْلِعِي) محسّن الجناس.
و (غِيضَ الْماءُ) مغن عن التعرّض إلى كون السماء أقلعت والأرض بلعت ، وبني فعل (غِيضَ الْماءُ) للنائب لمثل ما بني فعل (وَقِيلَ) باعتبار سبب الغيض ، أو لأنه لا فاعل له حقيقة لأن حصوله حصول مسبب عن سبب والغيض : نضوبه في الأرض. والمراد : الماء الذي نشأ بالطوفان زائدا على بحار الأرض وأوديتها. وقضاء الأمر : إتمامه. وبناء الفعل للنائب للعلم بأنّ فاعله ليس غير الله تعالى.
والاستواء : الاستقرار.
والجوديّ : اسم جبل بين العراق وإرمينيا ، يقال له اليوم (أراراط). وحكمة إرسائها على جبل أنّ جانب الجبل أمكن لاستقرار السفينة عند نزول الرّاكبين لأنّها تخف عند ما ينزل معظمهم فإذا مالت استندت إلى جانب الجبل.
و (بُعْداً) مصدر (بعد) على مثال كرم وفرح ، منصوب على المفعولية المطلقة. وهو نائب عن الفعل كما هو الاستعمال في مقام الدعاء ونحوه ، كالمدح والذم مثل : تبّا له ، وسحقا ، وسقيا ، ورعيا ، وشكرا. والبعد كناية عن التحقير بلازم كراهية الشيء ، فلذلك يقال : بعد أو نحوه لمن فقد ، إذا كان مكروها كما هنا. ويقال : نفي البعد للمرغوب فيه وإن كان قد بعد ، فيقال للميّت العزيز كما قال مالك بن الرّيب :
يقولون لا تبعد وهم يدفنوني |
|
وأين مكان البعد إلّا مكانيا |
وقالت فاطمة بنت الأحجم :
إخوتي لا تبعدوا أبدا |
|
وبلى والله قد بعدوا |
والأكثر أن يقال (بعد) بكسر العين في البعد المجازي بمعنى الهلاك والموت ، و (بعد) المضموم العين في البعد الحقيقي.
والقوم الظالمون هم الذين كفروا فغرقوا. والقائل (بعدا) قد يكون من قول الله جريا