الله هو الحقيق بأن يعبد وأن يتوكّل عليه في كلّ مهم. وهو تعريض بالتخطئة للذين عبدوا غيره وتوكّلوا على شفاعة الآلهة ونفعها. ويتضمّن أمر النبي عليه الصلاة والسّلام بالدّوام على العبادة والتوكّل.
والمراد أن يعبده دون غيره ويتوكّل عليه دون غيره بقرينة (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) ، وبقرينة التفريع لأنّ الذي يرجع إليه كل أمر لا يعقل أن يصرف شيء من العبادة ولا من التوكّل إلى غيره ، فلذلك لم يؤت بصيغة تدل على تخصيصه بالعبادة للاستغناء عن ذلك بوجوب سبب تخصيصه بهما.
وجملة (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) فذلكة جامعة ، فهو تذييل لما تقدّم. والواو فيه كالواو في قوله : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فإنّ عدم غفلته عن أيّ عمل أنّه يعطي كل عامل جزاء عمله إن خيرا فخير وإنّ شرا فشرّ ، ولذلك علّق وصف الغافل بالعمل ولم يعلّق بالذوات نحو : بغافل عنكم ، إيماء إلى أنّ على العمل جزاء.
وقرأ نافع ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم ، وأبو جعفر ، ويعقوب «عمّا تعملون» ـ بتاء فوقية ـ خطابا للنبي صلىاللهعليهوسلم والناس معه في الخطاب. وقرأ من عداهم بالمثنّاة التحتيّة على أن يعود الضمير إلى الكفّار فهو تسلية للنبي ـ عليه الصلاة والسّلام ـ وتهديد للمشركين.