المصاحب لآياتنا. ومعنى مكرهم في الآيات أنهم يمكرون مكرا يتعلق بها ، وذلك أنهم يوهمون أن آيات القرآن غير دالة على صدق الرسول ويزعمون أنه لو أنزلت عليه آية أخرى لآمنوا بها وهم كاذبون في ذلك وإنما هم يكذبونه عنادا ومكابرة وحفاظا على دينهم في الشرك.
ولما كان الكلام متضمنا التعريض بإنذارهم ، أمر الرسول أن يعظهم بأن الله أسرع مكرا ، أي منكم ، فجعل مكر الله بهم أسرع من مكرهم بآيات الله.
ودل اسم التفضيل على أن مكر الكافرين سريع أيضا ، وذلك لما دل عليه حرف المفاجأة من المبادرة وهي إسراع. والمعنى أن الله أعجل مكرا بكم منكم بمكركم بآيات الله.
وأسرع : مأخوذ من أسرع المزيد على غير قياس ، أو من سرع المجرد بناء على وجوده في الكلام فيما حكاه الفارسي.
وأطلق على تأجيل الله عذابهم اسم المكر على وجه الاستعارة التمثيلية لأن هيئة ذلك التأجيل في خفائه عنهم كهيئة فعل الماكر ، وحسنته المشاكلة كما تقدم في آية آل عمران.
وجملة : (إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ) استئناف خطاب للمشركين مباشرة تهديدا من الله ، فلذلك فصلت على التي قبلها لاختلاف المخاطب. وتأكيد الجملة لكون المخاطبين يعتقدون خلاف ذلك ، إذ كانوا يحسبون أنهم يمكرون بالنبيء صلىاللهعليهوسلم وأن مكرهم يتمشى عليه ولا يشعر به فأعلمهم الله بأن الملائكة الموكلين بإحصاء الأعمال يكتبون ذلك. والمقصود من هذا أن ذلك محصي معدود عليهم لا يهمل ، وهو إنذار بالعذاب عليه ، وهذا يستلزم علم الله تعالى بذلك.
وعبر بالمضارع في (يَكْتُبُونَ) ويمكرون للدلالة على التكرر ، أي تتكرر كتابتهم كلما يتكرر مكرهم ، فليس في قوله : (ما تَمْكُرُونَ) التفات من الغيبة إلى الخطاب لاختلاف معادي الضميرين.
وقرأه الجمهور (ما تَمْكُرُونَ) بتاء الخطاب. وقرأه روح عن يعقوب ما يمكرون بياء الغائب ، والضمير ل (النَّاسَ) في قوله : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً). وعلى هذه القراءة فالكلام موجه للنبي صلىاللهعليهوسلم.