تعالى : (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) [البقرة : ١٩] وقوله تعالى : (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) [يوسف : ٦٦] وقوله : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) [الكهف : ٤٢] أي هلكت. فمعنى (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ) ظنوا الهلاك.
وجملة : (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ) جواب (إِذا). ومعنى مخلصين له الدين ممحضين له العبادة في دعائهم ، أي دعوه ولم يدعوا معه أصنامهم. وليس المراد أنهم أقلعوا عن الإشراك في جميع أحوالهم بل تلك حالتهم في الدعاء عند الشدائد. وهذا إقامة حجة عليهم ببعض أحوالهم ، مثل قوله تعالى : (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ) [الأنعام : ٤٠ ، ٤١].
وجملة : (لَئِنْ أَنْجَيْتَنا) بيان لجملة (دَعَوُا) لأن مضمونها هو الدعاء.
والإشارة ب (هذِهِ) إلى حالة حاضرة لهم ، وهي حالة إشرافهم على الغرق ، فالمشار إليه هو الحالة المشاهدة لهم.
وقد أكد وعدهم بالشكر بثلاث مؤكدات : لام توطئة القسم ، ونون التوكيد ، والتعبير بصيغة (مِنَ الشَّاكِرِينَ) دون لنكونن شاكرين ، لما يفيده من كونهم من هذه الزمرة التي ديدنها الشكر ، كما تقدم بيان خصوصية مثل هذا التركيب عند قوله تعالى : (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) في سورة الأنعام [٥٦].
وأتى بحرف (إذا) الفجائية في جواب (لما) للدلالة على تعجيلهم بالبغي في الأرض عقب النجاة.
والبغي : الاعتداء. وتقدم في قوله : (وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ) في سورة الأعراف [٣٣]. والمراد به هنا الإشراك كما صرح به في نظيرها (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) [العنكبوت : ٦٥]. وسمي الشرك بغيا لأنه اعتداء على حق الخالق وهو أعظم اعتداء ، كما يسمى ظلما في آيات كثيرة منها قوله : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣]. ولا يحسن تفسير البغي هنا بالظلم والفساد في الأرض ، إذ ليس ذلك شأن جميعهم فإن منهم حلماء قومهم ، ولأنه لا يناسب قوله بعد (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ). ولمعنى هذه الآية في القرآن نظائر ، كقوله : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) [الزمر : ٨] الآية.
وزيادة (فِي الْأَرْضِ) لمجرد تأكيد تمكنهم من النجاة. وهو كقوله تعالى : (فَلَمَّا