بعض الناس.
وجملة (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) إلى آخرها تعليل لجملة (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَة) أي لأن ذلك القصص خبر صدق مطابق للواقع وما هو بقصة مخترعة. ووجه التعليل أن الاعتبار بالقصة لا يحصل إلا إذا كانت خبرا عن أمر وقع ، لأن ترتب الآثار على الواقعات رتّب طبيعي فمن شأنها أن تترتب أمثالها على أمثالها كلما حصلت في الواقع ، ولأن حصولها ممكن إذ الخارج لا يقع فيه المحال ولا النادر وذلك بخلاف القصص الموضوعة بالخيال والتكاذيب فإنها لا يحصل بها اعتبار لاستبعاد السامع وقوعها لأن أمثالها لا يعهد ، مثل مبالغات الخرافات وأحاديث الجن والغول عند العرب وقصة رستم وإسفنديار عند العجم ، فالسامع يتلقاها تلقي الفكاهات والخيالات اللذيذة ولا يتهيأ للاعتبار بها إلّا على سبيل الفرص والاحتمال وذلك لا تحتفظ به النفوس.
وهذه الآية ناظرة إلى قوله تعالى في أول السورة (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [يوسف : ٣] فكما سماه الله أحسن القصص في أول السورة نفى عنه الافتراء في هذه الآية تعريضا بالنضر بن الحارث وأضرابه.
والافتراء تقدم في قوله : (وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) في سورة العقود [١٠٣].
و (الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) : الكتب الإلهية السابقة. وضمير بين (يَدَيْهِ) عائد إلى القرآن الذي من جملته هذه القصص.
والتفصيل : التبيين. والمراد ب (كُلِّ شَيْءٍ) الأشياء الكثيرة مما يرجع إلى الاعتبار بالقصص.
وإطلاق الكل على الكثرة مضى عند قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) في سورة الأنعام [٣١].
والهدى الذي في القصص : العبر الباعثة على الإيمان والتقوى بمشاهدة ما جاء من الأدلة في أثناء القصص على أن المتصرف هو الله تعالى ، وعلى أن التقوى هي أساس الخير في الدنيا والآخرة ، وكذلك الرحمة فإن في قصص أهل الفضل دلالة على رحمة الله لهم وعنايته بهم ، وذلك رحمة للمؤمنين لأنهم باعتبارهم بها يأتون ويذرون ، فتصلح