وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (١٣))
استئناف ابتدائي على أسلوب تعداد الحجج الواحدة تلوى الأخرى ، فلأجل أسلوب التعداد إذ كان كالتكرير لم يعطف على جملة (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ)[الرعد : ١٠].
وقد أعرب هذا عن مظهر من مظاهر قدرة الله وعجيب صنعه. وفيه من المناسبة للإنذار بقوله : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ) [سورة الرعد : ١١] إلخ أنه مثال لتصرف الله بالإنعام والانتقام في تصرف واحد مع تذكيرهم بالنعمة التي هم فيها. وكل ذلك مناسب لمقاصد الآيات الماضية في قوله : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) [سورة الرعد : ٨] وقوله: (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) [سورة الرعد : ٨] ، فكانت هذه الجملة جديرة بالاستقلال وأن يجاء بها مستأنفة لتكون مستقلة في عداد الجمل المستقلة الواردة في غرض السورة.
وجاء هنا بطريق الخطاب على أسلوب قوله : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ) [سورة الرعد : ١٠] لأن الخوف والطمع يصدران من المؤمنين ويهدد بهما الكفرة.
وافتتحت الجملة بضمير الجلالة دون اسم الجلالة المفتتح به في الجمل السابقة ، فجاءت على أسلوب مختلف. وأحسب أن ذلك مراعاة لكون هاته الجملة مفرعة عن أغراض الجمل السابقة فإن جمل فواتح الأغراض افتتحت بالاسم العلم كقوله : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ) [سورة الرعد : ٢] وقوله : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) [سورة الرعد : ٨] وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ) [سورة الرعد : ١١] ، وجمل التفاريع افتتحت بالضمائر كقوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) [سورة الرعد : ٤] وقوله : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ) [سورة الرعد : ٣] وقوله : (جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ).
و (خَوْفاً وَطَمَعاً) مصدران بمعنى التخويف والإطماع ، فهما في محل المفعول لأجله لظهور المراد.
وجعل البرق آية نذارة وبشارة معا لأنهم كانوا يسمون البرق فيتوسمون الغيث وكانوا يخشون صواعقه.
وإنشاء السحاب : تكوينه من عدم بإثارة الأبخرة التي تتجمع سحابا.
والسحاب : اسم جمع لسحابة. والثقال : جمع ثقيلة. والثقل كون الجسم أكثر كمية