والدعوة : طلب الإقبال ، وكثر إطلاقها على طلب الإقبال للنجدة أو للبذل. وذلك متعين فيها إذا أطلقت في جانب الله لاستحالة الإقبال الحقيقي فالمراد طلب الإغاثة أو النعمة.
وإضافة الدعوة إلى الحق إمّا من إضافة الموصوف إلى الصفة إن كان الحق بمعنى مصادفة الواقع ، أي الدعوة التي تصادف الواقع ، أي استحقاقه إياها ؛ وإما من إضافة الشيء إلى منشئه كقولهم : برود اليمن ، أي الدعوة الصادرة عن حق وهو ضد الباطل ، فإن دعاء الله يصدر عن اعتقاد الوحدانية وهو الحق ، وعبادة الأصنام تصدر عن اعتقاد الشرك وهو الباطل.
واللام للملك المجازي وهو الاستحقاق. وتقديم الجار والمجرور على المبتدا لإفادة التخصيص ، أي دعوة الحق ملكه لا ملك غيره ، وهو قصر إضافي.
وقد صرح بمفهوم جملة القصر بجملة (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) [سورة الرعد : ١٤] ، فكانت بيانا لها. وكان مقتضى الظاهر أن تفصل ولا تعطف وإنما عطفت لما فيها من التفصيل والتمثيل ، فكانت زائدة على مقدار البيان. والمقصود بيان عدم استحقاق الأصنام أن يدعوها الداعون. واسم الموصول صادق على الأصنام. وضمير يدعون للمشركين. ورابط الصلة ضمير نصب محذوف. والتقدير : والذين يدعونهم من دونه لا يستجيبون لهم.
وأجري على الأصنام ضمير العقلاء في قوله : (لا يَسْتَجِيبُونَ) مجازاة للاستعمال الشائع في كلام العرب لأنهم يعاملون الأصنام معاملة عاقلين.
والاستجابة : إجابة نداء المنادي ودعوة الداعي ، فالسين والتاء لقوة الفعل.
والباء في بشيء لتعدية (يَسْتَجِيبُونَ) لأن فعل الإجابة يتعدى إلى الشيء المجاب به بالباء ، وإذا أريد من الاستجابة تحقيق المأمول اقتصر على الفعل. كقوله : (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَ) [سورة يوسف : ٣٤].
فلما أريد هنا نفي إجداء دعائهم الأصنام جعل نفي الإجابة متعديا بالباء إلى انتفاء أقل ما يجيب به المسئول وهو الوعد بالعطاء أو الاعتذار عنه ، فهم عاجزون عن ذلك وهم أعجز عما فوقه.
وتنكير «شيء» للتحقير. والمراد أقل ما يجاب به من الكلام.