فالتفريع في المعنى على مجموع الأمرين : كفرهم بالله ، وإيمان النبي صلىاللهعليهوسلم بالله.
ويجوز أن تكون تفريعا على جملة (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) [الرعد : ٣١] ، فيكون ترقيا في إنكار سؤالهم إتيان معجزة غير القرآن ، أي إن تعجب من إنكارهم آيات القرآن فإن أعجب منه جعلهم القائم على كل نفس بما كسبت مماثلا لمن جعلوهم لله شركاء.
واعترض أثر ذلك بردّ سؤالهم أن تسيّر الجبال أو تقطّع الأرض أو تكلّم الموتى ، وتذكيرهم بما حل بالمكذبين من قبلهم مع إدماج تسلية الرسول ـ عليه الصلاة والسّلام ـ ، ثم فرع على ذلك الاستفهام الإنكاري.
وللمفسرين في تصوير نظم الآية محامل مختلفة وكثير منها متقاربة ، ومرجع المتجه منها إلى أن في النظم حذفا يدل عليه ما هو مذكور فيه ، أو يدل عليه السياق. والوجه في بيان النظم أن التفريع على مجموع قوله : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي أن كفرهم بالرحمن وإيمانك بأنه ربّك المقصورة عليه الربوبية يتفرع على مجموع ذلك استفهامهم استفهام إنكار عليهم تسويتهم من هو قائم على كلّ نفس بمن ليس مثله من جعلوهم له شركاء ، أي كيف يشركونهم وهم ليسوا سواء مع الله.
وما صدق (فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ) هو الله الإله الحق الخالق المدبّر.
وخبر (فَمَنْ هُوَ قائِمٌ) محذوف دلت عليه جملة (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ). والتقدير: أمن هو قائم على كل نفس ومن جعلوهم به شركاء سواء في استحقاق العبادة. دل على تقديره ما تقتضيه الشركة في العبادة من التسوية في الإلهية واستحقاق العبادة. والاستفهام إنكار لتلك التسوية المفاد من لفظ (شُرَكاءَ). وبهذا المحذوف استغني عن تقدير معادل للهمزة كما نبّه عليه صاحب «مغني اللّبيب» ، لأن هذا المقدّر المدلول عليه بدليل خاص أقوى فائدة من تقدير المعادل الّذي حاصله أن يقدر : أم من ليس كذلك. وسيأتي قريبا بيان موقع (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ).
والعدول عن اسم الجلالة إلى الموصول في قوله : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ) لأن في الصلة دليلا على انتفاء المساواة ، وتخطئة لأهل الشرك في تشريك آلهتهم لله تعالى في الإلهية ، ونداء على غباوتهم إذ هم معترفون بأن الله هو الخالق. والمقدر باعتقادهم ذلك هو أصل إقامة الدليل عليهم بإقرارهم ولما في هذه الصلة من التعريض لما سيأتي قريبا.
والقائم على الشيء : الرقيب ، فيشمل الحفظ والإبقاء والإمداد ، ولتضمنه معنى