حسن سمعتهم ، ففيه تعريض بأفن رأي الكافرين منهم إذ لم يشكروا هذه النعمة كما قال تعالى : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [سورة الأنبياء : ١٠]. قال مالك : فيه بقاء ذكركم.
وجملة (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) معترضة ، واللام موطئة للقسم وضمير الجمع في قوله : (أَهْواءَهُمْ) عائد إلى معلوم من السياق وهم المشركون الذين وجه إليهم الكلام.
واتباع أهوائهم يحتمل السعي لإجابة طلبتهم إنزال آية غير القرآن تحذيرا من أن يسأل الله إجابتهم لما طلبوه كما قال لنوح ـ عليهالسلام ـ (فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ).
ومعنى (ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) ما بلغك وعلّمته ، فيحتمل أن يراد بالموصول القرآن تنويها به ، أي لئن شايعتهم فسألتنا آية ير القرآن بعد أن نزل عليك القرآن ، أو بعد أن أعلمناك أنا غير متنازلين لإجابة مقترحاتهم. ويحتمل اتباع دينهم فإن دينهم أهواء ويكون ما صدق (ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) هو دين الإسلام.
والوليّ : النصير. والواقي : المدافع.
وجعل نفي الولي والنصير جوابا للشرط كناية عن الجواب ، وهو المؤاخذة والعقوبة.
والمقصود من هذا تحذير المسلمين من أن يركنوا إلى تمويهات المشركين ، والتحذير من الرجوع إلى دينهم تهييجا لتصلبهم في دينهم على طريقة قوله تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [سورة الزمر : ٦٥] ، وتأييس المشركين من الطمع في مجيء آية توافق مقترحاتهم.
و (مِنَ) الداخلة على اسم الجلالة تتعلق ب (وَلِيٍ) و (واقٍ). و (مِنَ) الداخلة على (وَلِيٍ) لتأكيد النفي تنصيصا على العموم. وتقدم الخلاف بين الجمهور وابن كثير في حذفهم ياء (واقٍ) في حالتي الوصل والوقف وإثبات ابن كثير الياء في حالة الوقف دون الوصل عند قوله تعالى : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) في هذه السورة [الرعد : ٧].
[٣٨ ، ٣٩] (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨) يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ