والإخراج : مستعار للنقل من حال إلى حال. شبه الانتقال بالخروج فشبه النقل بالإخراج.
و (الظُّلُماتِ) و (النُّورِ) استعارة للكفر والإيمان ، لأن الكفر يجعل صاحبه في حيرة فهو كالظلمة في ذلك ، والإيمان يرشد إلى الحق فهو كالنور في إيضاح السبيل. وقد يستخلص السامع من ذلك تمثيل حال المنغمس في الكفر بالمتحير في ظلمة ، وحال انتقاله إلى الإيمان بحال الخارج من ظلمة إلى مكان نيّر.
وجمع (الظُّلُماتِ) وإفراد (النُّورِ) تقدم في أول سورة الأنعام [١].
والباء في (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) للسببية ، والإذن : الأمر بفعل يتوقف على رضى الآمر به ، وهو أمر الله إياه بإرساله إليهم لأنه هو الإذن الذي يتعلق بجميع الناس ، كقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ). ولما كان الإرسال لمصلحتهم أضيف الإذن إلى وصف الربّ المضاف إلى ضمير الناس ، أي بإذن الذي يدبر مصالحهم.
وقوله : (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [سورة إبراهيم : ١] بدل من (النُّورِ) بإعادة الجار للمبدل منه لزيادة بيان المبدل منه اهتماما به ، وتأكيد للعامل كقوله تعالى : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) في سورة الأعراف [٨٨].
ومناسبة الصراط المستعار للدين الحق ، لاستعارة الإخراج والظلمات والنور ولما يتضمنه من التمثيل ، ظاهرة.
واختيار وصف (الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) من بين الصفات العلى لمزيد مناسبتها للمقام ، لأن العزيز الذي لا يغلب. وإنزال الكتاب برهان على أحقية ما أراده الله من الناس فهو به غالب للمخالفين مقيم الحجة عليهم.
والحميد : بمعنى المحمود ، لأن في إنزال هذا الكتاب نعمة عظيمة ترشد إلى حمده عليه ، وبذلك استوعب الوصفان الإشارة إلى الفريقين من كل منساق إلى الاهتداء من أول وهلة ومن مجادل صائر إلى الاهتداء بعد قيام الحجة ونفاد الحيلة.
[٢ ، ٣] (اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٢) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ