سرى إليهم الشرك واتّبعوا دين القبط ، فكانت رسالة موسى ـ عليهالسلام ـ لإصلاح اعتقادهم مع دعوة فرعون وقومه للإيمان بالله الواحد ، وكانت آئلة إلى إخراج بني إسرائيل من الشرك والفساد وإدخالهم في حظيرة الإيمان والصلاح.
والتذكير : إزالة نسيان شيء. ويستعمل في تعليم مجهول كان شأنه أن يعلم. ولما ضمن التذكير معنى الإنذار والوعظ عدّي بالباء ، أي ذكرهم تذكير عظة بأيام الله.
و (بِأَيَّامِ اللهِ) أيام ظهور بطشه وغلبه من عصوا أمره ، وتأييده المؤمنين على عدوّهم ، فإن ذلك كله مظهر من مظاهر عزّة الله تعالى. وشاع إطلاق اسم اليوم مضافا إلى اسم شخص أو قبيلة على يوم انتصر فيه مسمى المضاف إليه على عدوه ، يقال : أيام تميم ، أي أيام انتصارهم ، فأيام الله أيام ظهور قدرته وإهلاكه الكافرين به ونصره أولياءه والمطيعين له.
فالمراد بأيام الله هنا الأيام التي أنجى الله فيها بني إسرائيل من أعدائهم ونصرهم وسخر لهم أسباب الفوز والنصر وأغدق عليهم النعم في زمن موسى ـ عليهالسلام ـ ، فإن ذلك كله مما أمر موسى ـ عليهالسلام ـ بأن يذكرهموه ، وكله يصح أن يكون تفسيرا لمضمون الإرسال ، لأن إرسال موسى ـ عليهالسلام ـ ممتدّ زمنه ، وكلما أوحى الله إليه بتذكير في مدة حياته فهو من مضمون الإرسال الذي جاء به فهو مشمول لتفسير الإرسال. فقول موسى ـ عليهالسلام ـ (يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ* يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) [سورة المائدة : ٢٠ ، ٢١] هو من التذكير المفسّر به إرسال موسى ـ عليهالسلام ـ. وهو وإن كان واقعا بعد ابتداء رسالته بأربعين سنة فما هو إلا تذكير صادر في زمن رسالته ، وهو من التذكير بأيام نعم الله العظيمة التي أعطاهم ، وما كانوا يحصلونها لو لا نصر الله إياهم ، وعنايته بهم ليعلموا أنه ربّ ضعيف غلب قويا ونجا بضعفه ما لم ينج مثله القوي في قوته.
واسم الإشارة في قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) عائد إلى ما ذكر من الإخراج والتذكير ، فالإخراج من الظلمات بعد توغلهم فيها وانقضاء الأزمنة الطويلة عليها آية من آيات قدرة الله تعالى.
والتذكير بأيام الله يشتمل على آيات قدرة الله وعزته وتأييد من أطاعه ، وكل ذلك