بعض أبنائه. وتلك الآيات قائمة في الحكاية عن ذلك الزمن.
وهذا القول المحكي عنهم قول تآمر وتحاور.
وافتتاح المقول بلام الابتداء المفيدة للتّوكيد لقصد تحقيق الخبر. والمراد : توكيد لازم الخبر إذ لم يكن فيهم من يشك في أنّ يوسف ـ عليهالسلام ـ وأخاه أحبّ إلى أبيهم من بقيّتهم ولكنّهم لم يكونوا سواء في الحسد لهما والغيرة من تفضيل أبيهم إيّاهما على بقيتهم ، فأراد بعضهم إقناع بعض بذلك ليتمالئوا على الكيد ليوسف ـ عليهالسلام ـ وأخيه ، كما سيأتي عند قوله : (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) ، وقوله : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ) [سورة يوسف : ١٠] ؛ فقائل الكلام بعض إخوته ، أي جماعة منهم بقرينة قوله بعد (اقْتُلُوا يُوسُفَ) [سورة يوسف : ٩] وقولهم : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ)[سورة يوسف : ١٠].
وأخو يوسف ـ عليهالسلام ـ أريد به (بنيامين) وإنّما خصّوه بالأخوة لأنّه كان شقيقه ، أمهما (راحيل) بنت (لابان) ، وكان بقية إخوته إخوة للأب ، أمّ بعضهم (ليئة) بنت (لابان) ، وأمّ بعضهم (بلهة) جارية (ليئة) وهبتها (ليئة) لزوجها يعقوب ـ عليهالسلام ـ.
و (أَحَبُ) اسم تفضيل ، وأفعل التفضيل يتعدّى إلى المفضّل ب (من) ، ويتعدّى إلى المفضّل عنده ب (إلى).
ودعواهم أنّ يوسف ـ عليهالسلام ـ وأخاه أحبّ إلى يعقوب ـ عليهالسلام ـ منهم يجوز أن تكون دعوى باطلة أثار اعتقادها في نفوسهم شدّة الغيرة من أفضليّة يوسف ـ عليهالسلام ـ وأخيه عليهم في الكمالات وربّما سمعوا ثناء أبيهم على يوسف ـ عليهالسلام ـ وأخيه في أعمال تصدر منهما أو شاهدوه يأخذ بإشارتهما أو رأوا منه شفقة عليهما لصغرهما ووفاة أمّهما فتوهّموا من ذلك أنّه أشدّ حبّا إيّاهما منهم توهما باطلا. ويجوز أن تكون دعواهم مطابقة للواقع وتكون زيادة محبّته إيّاهما أمرا لا يملك صرفه عن نفسه لأنّه وجدان ولكنّه لم يكن يؤثرهما عليهم في المعاملات والأمور الظاهريّة ويكون أبناؤه قد علموا فرط محبّة أبيهم إيّاهما من التوسّم والقرائن لا من تفضيلهما في المعاملة فلا يكون يعقوب ـ عليهالسلام ـ مؤاخذا بشيء يفضي إلى التباغض بين الإخوة.
وجملة (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) في موضع الحال من (أَحَبُ) ، أي ونحن أكثر عددا. والمقصود من الحال التعجّب من تفضيلهما في الحبّ في حال أنّ رجاء انتفاعه من