والطيبة : النافعة. استعير الطيب للنفع لحسن وقعه في النفوس كوقع الروائح الذكية. وتقدم عند قوله تعالى : (وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) في سورة يونس [٢٢].
والفرع : ما امتد من الشيء وعلا ، مشتق من الافتراع وهو الاعتلاء. وفرع الشجرة غصنها ، وأصل الشجرة : جذرها.
والسماء مستعمل في الارتفاع ، وذلك مما يزيد الشجرة بهجة وحسن منظر.
والأكل ـ بضم الهمزة ـ المأكول ، وإضافته إلى ضمير الشجرة على معنى اللام. وتقدم عند قوله : (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) في سورة الرعد [٤].
فالمشبّه هو الهيئة الحاصلة من البهجة في الحس والفرح في النفس ، وازدياد أصول النفع باكتساب المنافع المتتالية بهيئة رسوخ الأصل ، وجمال المنظر ، ونماء أغصان الأشجار. ووفرة الثمار ، ومتعة أكلها. وكل جزء من أجزاء إحدى الهيئتين يقابله الجزء الآخر من الهيئة الأخرى ، وذلك أكمل أحوال التمثيل أن يكون قابلا لجمع التشبيه وتفريقه.
وكذلك القول في تمثيل حال الكلمة الخبيثة بالشجرة الخبيثة على الضد بجميع الصفات الماضية من اضطراب الاعتقاد ، وضيق الصدر ، وكدر التفكير ، والضر المتعاقب. وقد اختصر فيها التمثيل اختصارا اكتفاء بالمضاد ، فانتفت عنها سائر المنافع للكلمة الطيبة.
وفي «جامع الترمذي» عن أنس بن مالك ـ رضياللهعنه ـ عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال : «مثل كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها» قال : هي النخلة ، (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) قال : هي الحنظل.
وجملة (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) صفة لشجرة خبيثة لأن الناس لا يتركونها تلتف على الأشجار فتقتلها. والاجتثاث : قطع الشيء كلّه ، مشتق من الجثة وهي الذات. و (مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) تصوير ل (اجْتُثَّتْ). وهذا مقابل قوله في صفة الشجرة الطيبة (أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ).
وجملة (ما لَها مِنْ قَرارٍ) تأكيد لمعنى الاجتثاث لأن الاجتثاث من انعدام القرار.