فلمّا أجزنا ساحة الحي وانتحى |
|
... البيت. |
وقيل به في قوله تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ) [سورة الصافات : ١٠٣ ، ١٠٤] الآية وفي جميع ذلك نظر.
والضمير في قوله : (إِلَيْهِ) عائد إلى يوسف ـ عليهالسلام ـ في قول أكثر المفسّرين مقتصرين عليه. وذكر ابن عطية أنّه قيل الضمير عائد إلى يعقوب ـ عليهالسلام ـ.
وجملة (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا) بيان لجملة (أَوْحَيْنا). وأكّدت باللّام ونون التوكيد لتحقيق مضمونها سواء كان المراد منها الإخبار عن المستقبل أو الأمر في الحال. فعلى الأوّل فهذا الوحي يحتمل أن يكون إلهاما ألقاه الله في نفس يوسف ـ عليهالسلام ـ حين كيدهم له ، ويحتمل أنّه وحي بواسطة الملك فيكون إرهاصا ليوسف ـ عليهالسلام ـ قبل النّبوءة رحمة من الله ليزيل عنه كربه ، فأعلمه بما يدل على أن الله سيخلصه من هذه المصيبة وتكون له العاقبة على الذين كادوا له ، وإيذان بأنّه سيؤانسه في وحشة الجب بالوحي والبشارة ، وبأنه سينبىء في المستقبل إخوته بما فعلوه معه كما تؤذن به نون التوكيد إذا اقترنت بالجملة الخبرية ، وذلك يستلزم نجاته وتمكّنه من إخوته لأن الإنباء بذلك لا يكون إلا في حال تمكّن منهم وأمن من شرهم.
ومعنى (بِأَمْرِهِمْ) : بفعلهم العظيم في الإساءة.
وجملة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) في موضع الحال ، أي لتخبرنهم بما فعلوا بك وهم لا يشعرون أنك أخوهم بل في حالة يحسبونه مطلعا على المغيبات متكهنا بها ، وذلك إخبار بما وقع بعد سنين مما حكي في هذه السورة بقوله تعالى : (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) [سورة يوسف : ٨٩] الآيتين.
وعلى احتمال عود ضمير (إِلَيْهِ) على يعقوب ـ عليهالسلام ـ فالوحي هو إلقاء الله إليه ذلك بواسطة الملك ، والواو أظهر في العطف حينئذ فهو معطوف على جملة (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) إلى آخرها (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) قبل ذلك. و (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ) أمر ، أي أوحينا إليه نبّئهم بأمرهم هذا ، أي أشعرهم بما كادوا ليوسف ـ عليهالسلام ـ ، إشعارا بالتعريض ، وذلك في قوله : (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ) [سورة يوسف : ١٣].
وجملة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) على هذا التقدير حال من ضمير جمع الغائبين ، أي وهم لا يشعرون أننا أوحينا إليه بذلك.