والتسويل : التسهيل وتزيين النفس ما تحرص على حصوله.
والإبهام الذي في كلمة (أَمْراً) يحتمل عدة أشياء مما يمكن أن يؤذوا به يوسف ـ عليهالسلام ـ : من قتل ، أو بيع ، أو تغريب ، لأنه لم يعلم تعيين ما فعلوه. وتنكير (أَمْراً) للتهويل.
وفرّع على ذلك إنشاء التصبر (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) نائب مناب اصبر صبرا جميلا. عدل به عن النصب إلى الرفع للدلالة على الثبات والدوام ، كما تقدم عند قوله تعالى : (قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ) في سورة هود [٦٩]. ويكون ذلك اعتراضا في أثناء خطاب أبنائه ، أو يكون تقدير : اصبر صبرا جميلا ، على أنه خطاب لنفسه. ويجوز أن يكون (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) خبر مبتدأ محذوف دلّ عليه السياق ، أي فأمري صبر. أو مبتدأ خبره محذوف كذلك.
والمعنى على الإنشاء أوقع ، وتقدم الصبر عند قوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) في سورة البقرة [٤٥]. ووصف (جَمِيلٌ) يحتمل أن يكون وصفا كاشفا إذ الصبر كله حسن دون الجزع.
كما قال إبراهيم بن كنيف النبهاني :
تصبّر فإنّ الصبر بالحرّ أجمل |
|
وليس على ريب الزمان معوّل |
أي أجمل من الجزع.
ويحتمل أن يكون وصفا مخصصا. وقد فسّر الصبر الجميل بالذي لا يخالطه جزع.
والجمال : حسن الشيء في صفات محاسن صنفه ، فجمال الصبر أحسن أحواله ، وهو أن لا يقارنه شيء يقلل خصائص ماهيته.
وفي الحديث الصحيح أن النبي عليهالسلام مر بامرأة تبكي عند قبر فقال لها : «اتقي الله واصبري» ، فقالت : إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ـ ولم تعرفه ـ فلما انصرف مرّ بها رجل ، فقال لها : إنه النبي صلىاللهعليهوسلم. فأتت باب النبي صلىاللهعليهوسلم فقالت : لم أعرفك يا رسول الله ، فقال : «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» أي الصبر الكامل.
وقوله : (وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) عطف على جملة (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) فتكون محتملة للمعنيين المذكورين من إنشاء الاستعانة أو الإخبار بحصول استعانته بالله على تحمل الصبر على ذلك ، أو أراد الاستعانة بالله ليوسف ـ عليهالسلام ـ على الخلاص مما أحاط به.