نفسه فاسم التفضيل على حقيقته ولا داعي إلى تأويله بمسلوب المفاضلة.
وعبّر عما عرضته المرأة بالموصولية لما في الصلة من الإيماء إلى كون المطلوب حالة هي مظنة الطواعية ، لأن تمالؤ الناس على طلب الشيء من شأنه أن يوطن نفس المطلوب للفعل ، فأظهر أن تمالئهن على طلبهن منه امتثال أمر المرأة لم يفلّ من صارم عزمه على الممانعة ، وجعل ذلك تمهيدا لسؤال العصمة من الوقوع في شرك كيدهن ، فانتقل من ذكر الرضى بوعيدها إلى سؤال العصمة من كيدها.
وأسند فعل (يَدْعُونَنِي) إلى نون النسوة ، فالواو الذي فيه هو حرف أصلي وليست واو الجماعة ، والنون ليست نون رفع لأنه مبني لاتصاله بنون النسوة ، ووزنه يفعلن. وأسند الفعل إلى ضمير جمع النساء مع أنّ التي دعته امرأة واحدة ، إما لأن تلك الدعوة من رغبات صنف النساء فيكون على وزان جمع الضمير في (كَيْدَهُنَ) ، وإما لأنّ النسوة اللّاتي جمعتهن امرأة العزيز لما سمعن كلامها تمالأن على لوم يوسف ـ عليهالسلام ـ وتحريضه على إجابة الداعية ، وتحذيره من وعيدها بالسجن. وعلى وزان هذا يكون القول في جمع الضمير في (يْدَهُنَ) [سورة يوسف : ٢٨] أي كيد صنف النساء ، مثل قول العزيز (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) ، أي كيد هؤلاء النسوة.
وجملة (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَ) خبر مستعمل في التخوّف والتوقع التجاء إلى الله وملازمة للأدب نحو ربه بالتبرؤ من الحول والقوة والخشية من تقلب القلب ومن الفتنة بالميل إلى اللذة الحرام. فالخبر مستعمل في الدعاء ، ولذلك فرع عنه جملة (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ).
ومعنى (أَصْبُ) أمل. والصبو : الميل إلى المحبوب.
والجاهلون : سفهاء الأحلام ، فالجهل هنا مقابل الحلم. والقول في أن مبالغة (أَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) أكثر من أكن جاهلا كالقول في (وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) [سورة يوسف : ٣٢].
وعطف جملة (فَاسْتَجابَ) بفاء التعقيب إشارة إلى أنّ الله عجّل إجابة دعائه الذي تضمنه قوله : (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَ). واستجاب : مبالغة في أجاب ، كما تقدم في قوله : (فَاسْتَعْصَمَ) [سورة يوسف : ٣٢].
وصرف كيدهن عنه صرف أثره ، وذلك بأن ثبّته على العصمة فلم ينخدع لكيدها ولا