وتأنيث اسم الإشارة وهو (أَيَّتُهَا) لتأويل العير بمعنى الجماعة لأن الركاب هم الأهم.
وجملة (قالُوا) جواب لنداء المنادي إياهم (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) ، ففصلت الجملة لأنها في طريقة المحاورة كما تكرر غير مرة.
وضمير (قالُوا) عائد إلى العير.
وجملة (وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ) حال من ضمير (قالُوا). ومرجع ضمير (أَقْبَلُوا) عائد إلى فتيان يوسف ـ عليهالسلام ـ. وضمير (عَلَيْهِمْ) راجع إلى ما رجع إليه ضمير (قالُوا) ، أي وقد أقبل عليهم فتيان يوسف ـ عليهالسلام ـ.
وجعلوا جعلا لمن يأتي بالصواع. والذي قال : (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) واحد من المقبلين وهو كبيرهم. والزعيم : الكفيل.
وهذه الآية قد جعلها الفقهاء أصلا لمشروعية الجعل والكفالة. وفيه نظر ، لأن يوسف ـ عليهالسلام ـ لم يكن يومئذ ذا شرع حتى يستأنس للأخذ ب (أنّ شرع من قبلنا شرع لنا) : إذا حكاه كلام الله أو رسوله. ولو قدّر أن يوسف ـ عليهالسلام ـ كان يومئذ نبيئا فلا يثبت أنه رسول بشرع ، إذ لم يثبت أنه بعث إلى قوم فرعون ، ولم يكن ليوسف ـ عليهالسلام ـ أتباع في مصر قبل ورود أبيه وإخوته وأهليهم. فهذا مأخذ ضعيف.
والتاء في (تَاللهِ) حرف قسم على المختار ، ويختص بالدخول على اسم الله تعالى وعلى لفظ رب ، ويختص أيضا بالمقسم عليه العجيب. وسيجيء عند قوله تعالى : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) في [سورة الأنبياء : ٥٧].
وقولهم : (لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ). أكدوا ذلك بالقسم لأنهم كانوا وفدوا على مصر مرة سابقة واتهموا بالجوسة فتبينت براءتهم بما صدقوا يوسف ـ عليهالسلام ـ فيما وصفوه من حال أبيهم وأخيهم. فالمراد ب (الْأَرْضِ) المعهودة ، وهي مصر.
وأما براءتهم من السرقة فبما أخبروا به عند قدومهم من وجدان بضاعتهم في رحالهم ، ولعلّها وقعت في رحالهم غلطا.
على أنهم نفوا عن أنفسهم الاتّصاف بالسرقة بأبلغ مما نفوا به الإفساد عنهم ، وذلك