والقول في جملة (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ) كالقول في نظيرتيها المتقدمتين.
واللام في (جَعَلَ لَكُمْ) لتعدية فعل (جَعَلَ) إلى ثان.
ومعنى (مِنْ أَنْفُسِكُمْ) من نوعكم ، كقوله تعالى : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) [سورة النور : ٢١] أي على الناس الذين بالبيوت ، وقوله : (رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [سورة آل عمران : ١٦٤] وقوله : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) [سورة البقرة : ٨٥].
والخطاب بضمير الجماعة المخاطبين موجّه إلى الناس كلّهم ، وغلب ضمير التذكير.
وهذه نعمة إذ جعل قرين الإنسان متكوّنا من نوعه ، ولو لم يجعل له ذلك لاضطرّ الإنسان إلى طلب التأنّس بنوع آخر فلم يحصل التأنّس بذلك للزوجين. وهذه الحالة وإن كانت موجودة في أغلب أنواع الحيوان فهي نعمة يدركها الإنسان ولا يدركها غيره من الأنواع. وليس من قوام ماهيّة النّعمة أن ينفرد بها المنعم عليه.
والأزواج : جمع زوج ، وهو الشيء الذي يصير مع شيء آخر اثنين ، فلذا وصف بزوج المرادف لثان. وقد مضى الكلام عليه في قوله تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) في [سورة البقرة : ٣٥].
والوصف بالزوج يؤذن بملازمته لآخر ، فلذا سمّي بالزوج قرين المرأة وقرينة الرجل. وهذه نعمة اختصّ بها الإنسان إذ ألهمه الله جعل قرين له وجبله على نظام محبّة وغيرة لا يسمحان له بإهمال زوجه كما تهمل العجماوات إناثها وتنصرف إناثها عن ذكورها.
و (مِنْ) الداخلة على (أَنْفُسِكُمْ) للتّبعيض.
وجعل البنين للإنسان نعمة ، وجعل كونهم من زوجة نعمة أخرى ، لأن بها تحقّق كونهم أبناءه بالنسبة للذكر ودوام اتّصالهم به بالنّسبة ، ووجود المشارك له في القيام بتدبير أمرهم في حالة ضعفهم.
و (مِنْ) الداخلة على (أَزْواجِكُمْ) للابتداء ، أي جعل لكم بنين منحدرين من أزواجكم.
والحفدة : جمع حافد ، مثل كملة جمع كامل. والحافد أصله المسرع في الخدمة. وأطلق على ابن الابن لأنه يكثر أن يخدم جدّه لضعف الجدّ بسبب الكبر ، فأنعم الله على