مرض الاستفادة من هذا اللطف والمداراة وأمعنوا في توغلهم في أعمال الشر والجريمة ، ولكنّ استخدام اسلوب يجمع بين الخشونة والمداراة كلٌّ في موقعه المناسب بإمكانه أن يحلُّ الكثير من المشكلات ، ولذلك كان من اللازم استخدام «الشدّة» و «اللطافة» وأيضاً «العقوبة» و «التوبة».
ب) زمان نزول آيات سورة التوبة
إنّ الآيات الاولى من سورة التوبة نزلت في أواخر السنة التاسعة للهجرة يعني سنة واحدة قبل وفاة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وطبقاً لما ذكره المفسّرون فإنّ النبي صلىاللهعليهوآله في هذه السنة وعلى أساس التعليمات الواردة في هذه الآيات أمر الإمام علي عليهالسلام (١) بالتوجه إلى مكّة في مراسم الحجّ والإعلان عن أربعة امور :
١ ـ أنه لا يحقّ بعد هذا العام وهو العام التاسع للهجرة أن يطوف بعض الناس وهم عراة.
سؤال : وهل أن البعض يطوف حول البيت عارياً إلى ذلك الزمان ولما ذا؟
الجواب : نعم فإن بعض الرجال وحتّى بعض النساء كانوا يطوفون حول البيت وهم عراة تماماً لأنّ أحد عقائد الوثنيين الخرافية هي أنه إذا طاف الشخص بثيابه يجب عليه أن يتصدّق بهذه الثياب على الفقير ، ولهذا السبب فإنّ الأشخاص الذين لم يكن لديهم سوى ثوب واحد كانوا يقومون باقتراض ثوب لهم من شخص آخر حين الطواف ويطوفون به لكي لا يشملهم الحكم المذكور. وأما الأشخاص الذين لم يتهيأ لهم اقتراض ثوب من شخص آخر ولا يرغبون في التصدّق بثوبهم كانوا يطوفون وهم عراة تماماً.
٢ ـ انه لا يحقّ للمشركين وعبّاد الأوثان الطواف بالكعبة بعد هذا العام.
سؤال : أليس الإسلام يرى الحرية في العقيدة ، إذن لما ذا منع أتباع سائر الأديان بالطواف حول الكعبة؟
__________________
(١) يتفق جميع المفسّرين والمؤرّخين تقريباً على أنه لما نزلت الآيات الاولى من سورة براءة وفيها الغاء للعهود مع المشركين ، أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله في البداية أبا بكر بابلاغها إلى الناس في وقت الحجّ في مكّة ، ثمّ أخذها منه وسلّمها إلى علي عليهالسلام وأمره بابلاغها في مراسم الحجّ (وتفصيل الواقعة التاريخية التي أراد البعض إخفاءها ، مذكورة في التفسير الأمثل : ج ٥ ، بداية سورة التوبة).