إلى الجنوب نحو اليمن ، وهنا يجب أن تُطرح آخر المستجدات في هذا السفر ، ويتفرق المسلمون بعد استلامهم لآخر حكم ، وهو في واقع الأمر كان خط النهاية في الواجبات الناجحة للنبي صلىاللهعليهوآله.
كان ذلك في يوم الخميس من السنة العاشرة للهجرة ، وقد مضت عشرة أيّام على عيد الأضحى ، وفجأة صدر الأمر من الرسول صلىاللهعليهوآله إلى الذين معه بالتوقف ، ونادى المسلمون بأعلى أصواتهم أصحابَهم الذين تقدّموا الركب بالتوقف والعودة ، وأمهلوا المتأخرين حتّى يصلوا ، وزالت الشمس وصدح صوت مؤذن رسول الله صلىاللهعليهوآله بالأذان : الله أكبر ، داعياً الناس إلى صلاة الظهر ، وسرعان ما استعد الناس للصلاة ، إلّا أن حرارة الجو كانت إلى الحدّ الذي اجبر البعض على أن يغطي أرجله بقسم من ازاره ويستر رأسه بالقسم الآخر ، وإلّا فإن حصى الصحراء وأشعة الشمس ستحرق أرجلهم ورءوسهم.
فلا خيمة في الصحراء ، ولا خضرة ، ولا نبات ، ولا شجرة ، سوى بعض الأشجار البرية الجرداء التي تقاوم حرارة الصحراء ، والتي لاذ بها البعض ، ووضعوا قطعة من القماش على إحداها وجعلوها ظلًّا لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، إلّا أن الرياح اللاهبة تهب تحتها وتلفها بحرارة الشمس المحرقة.
وانتهت صلاة الظهر ، وعزم المسلمون على اللجوء إلى خيامهم الصغيرة التي كانوا يحملونها معهم ، بيد أن النبي صلىاللهعليهوآله أوعز لهم بالاستعداد لسماع بلاغ إلهي جديد يُوضَّح ضمن خطبة مفصلة ، ولم يكن بمقدور البعيدين عن رسول الله صلىاللهعليهوآله رؤية وجهه الملكوتي وسط زحام الناس ، لذا فقد صنعوا له منبراً من أربعة من أحداج الإبل ، فارتقاهُ النبي صلىاللهعليهوآله ، وفي البداية حمد الله وأثنى عليه واستعاذ به ، ثمّ خاطب الناس قائلاً :
أيّها الناس : يوشك أن ادعى فأُجيب.
أنا مسئول ، وأنتم مسئولون.
فكيف تشهدون بحقّي؟
فصاح الناس : نشهد أنك قد بلّغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً ، ثمّ قال :
ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله ، وأنّي رسول الله إليكم ، وأن البعث حقّ ، وأن الله