نظرات أهل السنّة في معنى «القربى»
وقد ذكر أهل السنّة تفاسير مختلفة لهذه المفردة القرآنية لا تنسجم كلّها مع الآية الشريفة ، وإليك بعض النماذج منها :
١ ـ قيل إن المراد من «القربى» هو محبة أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله ومودتهم ولكن من دون الولاية والإمامة والخلافة ، أي الاكتفاء بالارتباط العاطفي والعلاقة الظاهرية فقط بأهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله.
ولكن هل يمثل هذا المعنى والمفهوم من المودّة عدلاً للرسالة؟
هل أن المحبة العاطفية فقط وبدون الولاية والإمامة يمكنها أن تكون أجراً للرسالة وبمثابة العدل لها؟
مضافاً إلى ذلك كيف يطلب نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله أجر الرسالة بالمعنى الذي ذكروه لها ، في حين أن جميع الأنبياء السابقين لم يطلبوا من أقوامهم مثل هذا الأجر بل كانوا يطلبون أجرهم من الله تعالى؟ وعليه فإنّ مثل هذا التفسير لا يمكن قبوله.
٢ ـ وذهب آخرون إلى أن المراد من «القربى» هو الأعمال الصالحة التي تقرب الإنسان من الله تعالى ، وعليه فإنّ «المودّة في القربى» تعني العشق والشغف بالأعمال الحسنة والرغبة في الصلاة ، الصوم ، الحجّ ، الجهاد ، صلة الرحم ، احترام الكبار وأمثال ذلك ، فهذه الأعمال الصالحة والسلوكيات الحسنة هي التي تمثل أجر الرسالة.
٣ ـ وذهب البعض إلى أن كلمة «في» الواردة في هذه العبارة بمعنى «اللام» ، وفي هذه الصورة يكون معنى الآية هو «أن أجر رسالتي وما عملته في تبليغ الرسالة الإلهية لكم هو أن تحبونني لأنني من أرحامكم وأقرباءكم» ثمّ ذكروا شجرة النسب للنبي صلىاللهعليهوآله وتفاصيل ارتباطه النسبي مع قريش لبيان مقصودهم بحيث تبيّن أن جميع القبائل العربية يرتبطون بشكل أو بآخر مع النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله في النسب.
ولكن هذا التفسير واضح البطلان لأنه :
أوّلاً : إن استعمال «في» بمعنى «اللام» قليل جداً ونادر في لغة العرب وليس هناك دليل وشاهد على أن المراد من العبارة المذكورة هو هذا المعنى.