لتحقيق هذا الغرض أن يتقرب إلى الله تعالى بشخص معيّن فمن هو هذا الشخص؟
١٠ ـ ورغم أن توبة آدم قد قُبلت ولكنه اخرج من الجنّة وسكن في الأرض ، فهل أنه سكن الجنّة هو وزوجته بشكل مؤقت من البداية ، أو أن المقرر أن يخلّد فيها ولكنه بسبب ارتكابه لترك الأولى اخرج منها؟
إنّ النقاط العشرة المتقدّمة تحتاج جميعها إلى دراسة دقيقة وبحث وافر ومفصّل ، ولكننا هنا سنشير فقط إلى النقطة التاسعة منها بما يتناسب مع الآية مورد البحث ، أي مسألة توسل آدم في هذه الآية.
توسل النبي آدم
عند ما تم إسكان آدم وحواء في الجنّة أباح لهما الله تعالى الاستفادة من جميع النعم والمواهب فيها إلّا شجرة واحدة أمره بالابتعاد عنها وعدم تناول شيء منها ، وهكذا استمر آدم وحواء في حياتهما السعيدة في الجنّة ولم يقتربا من الشجرة الممنوعة ، ولكنّ الشيطان الذي تلقّى ضربة قاصمة عند خلق آدم وتمّ إخراجه من الجنّة وأصبح مورد اللعنة الأبدية كان يتحين الفرصة للانتقام من آدم ، ولهذا شرع بالوسوسة لآدم وحواء ليدفعهما نحو الشجرة الممنوعة والتلوّث بالخطيئة.
ونعلم أن الشيطان عند ما يوسوس للإنسان بالخطيئة فإنه لا يتقدم بالإنسان باقتراح ممارسة الذنب بصورة مباشرة بل يغطّي الذنب بأقنعة زائفة وبرّاقة وجذّابة بحيث إنّ الإنسان عند ما يتحرّك نحو الذنب يتصور أنه يقدم على عبادة ويؤدي وظيفته الشرعية كما يحدّثنا القرآن الكريم عن ملكة سبأ وقومها المشركين الذين كانوا يعبدون الشمس :
(وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ)(١)
__________________
(١) سورة النمل : الآية ٢٤.