بكلِّ وجوده إلى الله تعالى في حالة من الندم الشديد والحسرة العظيمة ، فشمله لطف الله تعالى في هذا الحال كما تقول الآية الشريفة :
(فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)
وأما ما هي هذه الكلمات وما هو المراد منها؟ فسيتّضح ذلك في المباحث اللاحقة.
(إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) التوبة في الأصل بمعنى «الرجوع» ووردت في الآيات القرآنية بمعنى الرجوع من الذنب ، هذا فيما لو نسبت هذه الكلمة إلى الشخص المذنب ، ولكن أحياناً تنسب هذه الكلمة إلى الله تعالى وتعني حينئذٍ الرجوع بالرحمة على العبد ، أي الرحمة التي سلبت من العبد بسبب معصيته وارتكابه للذنب تعود إليه عند ما يتحرك هذا الإنسان في خطّ الطاعة والإنابة إلى الله تعالى.
وعلى أيّة حال فإنّ الجملة أعلاه «انَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ» هي السبب في قبول توبة آدم.
دروس من قصة آدم وحواء
ونستوحي دروساً مهمة من قصة آدم وحواء الواردة في العديد من الآيات القرآنية الكريمة (١) وتتضمن مفاهيم بنّاءة ومؤثرة في حياة الإنسان المعنوية والأخلاقية ينبغي الالتفات إليها :
١ ـ إنّ الله تعالى يقرّر جعل آدم بعنوانه خليفة الله في الأرض (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)(٢)
فما هي الشروط التي لا بدّ أن تتوفر في هذا الخليفة؟ وهل أن جميع أفراد البشر هم خلفاء الله ، أو أن هذا المقام السامي وهذا اللباس الفاخر لا يناله ولا يرتديه إلّا من اوتي حظاً عظيماً منهم؟
لا بدّ من التدبّر في الآيات الشريفة لمعرفة هذه الامور والمعارف المهمة.
__________________
(١) وردت قصة آدم وحواء بشكل مفصّل في سورة البقرة الآية ٣٠ فصاعداً ، وفي سورة الأعراف ، الآية ١١ فصاعداً ، وفي سورة طه ، الآية ١١٥ فصاعداً.
(٢) سورة البقرة : الآية ٣٠.