مورد البحث في ثلاث موارد اخرى (١) ، وعليه فإنّ الحكم الشرعي في الآية المذكورة لا يعدّ حكماً جديداً ولا يتنافى مع آية إكمال الدين حيث لم ينزل أيّ قانون جديد بعد هذه الآية على النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله.
الجواب الثاني : إن آيات القرآن الكريم لم تجمع على حسب ترتيب نزولها بل طبقاً للأمر النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله وعلى سبيل المثال فالآية ٦٧ من سورة المائدة تقول : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ...) ومن المعلوم أن هذه الآية نزلت قبل الآية مورد البحث «الآية الثالثة من سورة المائدة».
ولكنّها عند تدوينها قد كتبت بعد تلك الآية ، وعليه فلا مانع أن يكون حكم الاضطرار قد نزل قبل آية إكمال الدين ولكن في حال تدوينها قد كتبت بعد الآية الشريفة.
الطريق الثاني : تفسير الآية في ضوء الروايات الشريفة
إن الأحاديث والروايات الشريفة الواردة في شأن نزول هذه الآية الشريفة كثيرة ، وقد ذكر العلّامة الأميني في كتابه القيّم «الغدير» (٢) هذه الروايات مع الأبحاث المتعلّقة بها بصورة واسعة ، فقد أورد حديث الغدير في هذا الكتاب من مائة وعشرة راوٍ من أصحاب النبي مضافاً إلى ذلك فقد نقله من ثمانين شخصاً من التابعين (٣) ، وقد ذكر العلّامة الخبير الأحاديث
__________________
(١) إن مضمون الآيات الكريمة الأربع في بيان حكم الاضطرار هو أن الإنسان يمكنه أن يتناول من هذه اللحوم المحرّمة عند الضرورة بمقدار رفع الحاجة والاضطرار ، وطبعاً فهذا الحكم قليل المصاديق في العصر الحاضر ، ولكن بالنسبة إلى السفر إلى البلاد الأجنبية حيث لا يوجد هناك لحم مذبوح بالطريقة الشرعية ، يواجه بعض الأشخاص حرجاً فيما لو انقطعوا عن تناول اللحوم وتكون صحتهم البدنية مهددة. فهنا يجوز لهم تناول مقدار من هذه اللحوم من باب الاضطرار ، ولكن بمقدار رفع هذا الاضطرار فقط لا أكثر.
(٢) بالرغم من وجود كتب ومصادر غير الغدير تذكر هذه الواقعة مثل : عبقات الأنوار ، المراجعات ، إحقاق الحقّ وغيرها ، إلّا أنها لا تصل إلى مستوى كتاب الغدير لأن العلّامة الأميني أكثر دقّة وأجود تنظيماً.
(٣) الفرق بين «الصحابة» و «التابعين» أن الصحابة رأوا رسول الله صلىاللهعليهوآله وكانوا يعيشون في زمانه ، وأما التابعين فانهم لم يشاهدوا رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يعيشوا في زمانه بل عاشوا في زمن الصحابة.