الإسلامية بمجموع مقرراتها وقوانينها قد نزلت بصورة كاملة على النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، فإذا كان كذلك إذن فلما ذا ورد بعد هذه الآية مورد البحث وفي ذيلها حكم الاضطرار والضرورة؟ أي إذا كانت آية إكمال الدين هي آخر آية وتخبرنا عن إكمال الدين والشريعة ، إذن فما ذا يعني هذا القانون الجديد الذي نزل بعدها؟
الجواب : يمكن الإجابة عن هذا الإشكال بصورتين :
الجواب الأوّل : إنّ مسألة الاضطرار في زمان القحط والذي ورد في هذه الآية الشريفة لا يورد حكماً جديداً بل هو حكم تأكيدي لما سبق من الأحكام الشرعية ، لأنّ هذا الحكم قد ورد قبل ذلك في ثلاث آيات من القرآن الكريم :
الف) نقرأ في آية ١٤٥ من سورة الأنعام وهي سورة مكية قوله تعالى :
(قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
فكما تلاحظون أنّ هذه الآية الشريفة قد نزلت في مكّة قبل هجرة النبي صلىاللهعليهوآله إلى المدينة وتبين حكم الاضطرار أيضاً.
ب) نقرأ في الآية ١١٥ من سورة النحل التي نزل قسم منها في مكّة المكرّمة وقسم منها في المدينة قوله تعالى :
(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
ففي هذه الآية الشريفة التي نزلت قبل الآية مورد البحث قد ذكر فيها حكم الاضطرار.
ج) ونقرأ في الآية ١٧٣ من سورة البقرة والتي نزلت في أوائل هجرة النبي صلىاللهعليهوآله إلى المدينة الحكم الشرعي للاضطرار أيضاً وهي تشبه إلى حدّ كبير الآية التي ذكرناها آنفاً مع تفاوت يسير ولذلك فلا نكررها.
النتيجة : هي أن الحكم الشرعي للاضطرار قد ورد في القرآن الكريم قبل هذه الآية