المفسّرين من أهل السنّة وبهدف إبعاد أذهان مخاطبيهم عن المعنى الواضح للآية الشريفة فإنّهم ذكروا معانٍ كثيرةٍ لهذه الكلمة وصلت إلى سبعة وعشرين معنى (١) لكي يقول أن هذه الكلمة هي لفظ مشترك بين معان مختلفة ولا نعلم مراد الله عزوجل منها وأن أيّ معنى من هذه المعاني هو المقصود في الآية الشريفة ، إذن فإنّ هذه الآية مبهمة ولا تدلّ على شيء ، ولكن عند ما نراجع كتب اللغة وكلمات ونظريات اللغويين نرى أنهم لم يذكروا لمعنى الولي سوى اثنين أو ثلاث معان ، وعليه فإن سائر المعاني المذكورة لهذه الكلمة تعود إلى هذه المعاني الثلاثة وهي :
١ ـ «ولي» بمعنى ناصر والولاية بمعنى النصرة.
٢ ـ «الولي» بمعنى القيّم وصاحب الاختيار.
٣ ـ أنها تأتي بمعنى الصديق والرفيق حتّى لو لم يؤد هذا الإنسان حقّ النصرة لرفيقه ولكن بما أنّ الصديق في دائرة الرفاقة والصداقة ينهض لنصرة صديقه غالباً فإن المعنى الثالث يعود للمعنى الأوّل أيضاً ، وعليه فإنّ كلمة «ولي» في نظر أرباب اللغة تطلق على معنيين ، وسائر المعاني المذكورة لها تعود إلى هذين المعنيين.
«ولي» في استعمالات القرآن
والآن نعود إلى القرآن الكريم لنرى موارد استعمال هذه الكلمة في الكتاب الكريم.
إنّ كلمة «ولي» و «أولياء» جاءت في سبعين مورداً في القرآن الكريم وبمعان مختلفة :
١ ـ نقرأ في بعض الآيات الشريفة أن كلمة «ولي» جاءت بمعنى الناصر والمعين كما في الآية ١٠٧ من سورة البقرة حيث يقول تعالى :
(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)
٢ ـ وجاءت هذه الكلمة في آيات اخرى بمعنى المعبود كما في الآية ٢٥٧ من سورة البقرة :
(اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ... وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ)
__________________
(١) وقد ذكر العلّامة الأميني في كتابه القيّم «الغدير» : ج ١ ، ص ٣٦٢ جميع هذه المعاني السبعة والعشرين.