والنتيجة هي أنه إما أن يكون اتباع هؤلاء الصادقين ورد بصورة مطلقة فيكون «الصادقون» يراد بهم أشخاص معينون ، أو أن ترد كلمة «الصادقين» بصورة مطلقة وتشمل جميع من كان صادقاً فيلزم التقيد في اتباعهم ، ونظراً لما تقدّم من القرينتين في هذه الآية الشريفة فإنّ الاحتمال الأول هو الصحيح ، فعليه فإنّ كلمة «الصادقين» مقيّدة والاتّباع مطلق ، والمراد منه أشخاص معيّنين الذين يمكن للمسلمين اتّباعهم بصورة مطلقة.
نظرية علماء أهل السنّة
أما المفسّرون من أهل السنّة فقد انقسموا في تفسيرهم لهذه الآية إلى قسمين ، فبعضٌ لم يبحث هذه المسألة بصورة جيدة ولم يهتم لتفسير كلمة «الصادقين» فيها ومرّ عليها مرور الكرام.
وبعض آخر ذكر مطالب متنوعة في تفسيرها حتّى أنهم ذهبوا إلى أن «الصادقين» يجب أن يكونوا معصومين أيضاً لأنّ الاطاعة والإتباع ورد بصورة مطلقة ولا يصحّ ذلك إلّا باتّباع المعصوم ولكن مع ذلك فإنّ المسبوقات الفكرية والأحكام الذهنية لم تسمح لهؤلاء أن يصلوا إلى الحقيقة في تفسيرهم لهذه الآية.
الفخر الرازي من جملة المفسّرين من الطائفة الثانية فمضافاً إلى أنه يرى أن «الصادقين» يجب أن يكونوا معصومين يعتقد كذلك أن هذه الآية لا تختص بعصر نزول النصّ وزمان حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله بل في كلّ زمان يكون هناك شخص صادق معصوم في الامّة الإسلامية يجب على المسلمين إطاعته شرعاً.
ولكنه عند ما أراد تشخيص مصداق «الصادقين» تورط في مسبوقاته الذهنية وابتلى بالتفسير بالرأي وقال : «نحن نعترف بأنه لا بدّ من معصوم في كلّ زمان ، إلّا أنا نقول : ذلك المعصوم هو مجموع الامّة».
أي أن الامة الإسلامية لو اتفقت على رأي واحد في مسألة معيّنة فيجب على الجميع إتباع هذا الرأي ، والنتيجة هي أن قوله تعالى «كونوا مع الصادقين» هو أن يكون المسلمون في كلّ عصر وزمان يسيرون جنباً إلى جنب مع مجموع الامّة الإسلامية.