٨ ـ الإمام علي عليهالسلام وخلافة النبي صلىاللهعليهوآله
لقد اتّضحت من خلال الأبحاث السابقة للقارئ الكريم هذه الحقيقة ، وهي : أن الشخص الذي يعترف الجميع (الموافقون والمخالفون والأصدقاء والأعداء) أنه أعلم الناس وأفضلهم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله هو اللائق لمقام الخلافة والإمامة بعد النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله لا غير ، ولهذا ورد أن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ذكر في خطبته الغرّاء في غدير خمّ هذين المطلبين (المرجعيّة العلميّة والخلافة) وقال :
«مَعاشِرَ النّاسِ! هذا اخِي وَوَصِيّي وَواعِي عِلْمِي وَخَليفَتِي» (١).
والتأمّل والتفكّر بهذه الخصوصيات الأربع المذكورة في هذا الحديث الشريف تبيّن حقائق كثيرة لطلّاب الحقيقة :
١ ـ «أخي» : فلو أن الإنسان أراد إظهار احترامه وتقديره لمن يكبره في السنّ فإنه يعبّر عنه بكلمة «أبي» وعند ما يريد إظهار المحبّة والعاطفة بالنسبة إلى من هو أصغر منه سنّاً فيقول عنه «ابني» وعند ما يريد إظهار العلاقة والمحبّة لمن يكون رديفه في السنّ فإنه يعبّر عنه بأنه «أخي» لأن الاخوة المعنوية تعني الارتباط الروحي القريب بين شخصين على أساس المساواة ، وعليه فإنّ عبارة «أخي» في الحديث الشريف تتضمن حقيقة كبيرة ، وهي أن الإمام علي عليهالسلام في واقعه وشخصيته يساوي النبي صلىاللهعليهوآله أو أن شخصيته تقترب إلى حدٍّ كبير إلى شخصية الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وبعبارة اخرى إنّ كلمة «أخي» تتضمن المفهوم والمعنى الذي ورد في آية المباهلة «أنفسنا وأنفسكم».
٢ ـ «وصيّي» : طبقاً لعقيدة أهل السنّة فإنّ الأنبياء لا يورثون ، وعليه فإنّ الإمام علي عليهالسلام لا يكون وصيّاً لرسول الله صلىاللهعليهوآله في مجال الأموال والثروة ، ونعلم أن النبي لم يخلف من ذريته عند وفاته سوى فاطمة الزهراء عليهاالسلام ولذلك لا معنى لأن يكون الإمام علي عليهالسلام وصيّاً على أبنائه وذريته ، وعلى هذا الأساس فإنّ الإمام علي عليهالسلام وصي رسول الله صلىاللهعليهوآله في المسائل المتعلقة بالدين ، أجل إنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ولغرض تكميل واستمرار الدعوة
__________________
(١) الغدير : ج ٣ ، ص ١١٧.