«كنت عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فسئل عن علي ، فقال :
قُسِّمَتِ الْحِكْمَةُ عَشْرَةَ أَجْزَاءَ ، فَأُعْطِيَ عَليٌّ تِسْعَةَ أَجْزاء وَاعْطِيَ النّاسُ جُزْءاً وَاحِداً» (١).
هذه المضامين الواردة في الروايات الشريفة توضح بصورة جيّدة أن الشخص الذي رُزق الحكمة والمعرفة في الامّة الإسلامية بعد رسول الله هو علي بن أبي طالب عليهالسلام وأنه لا يصل إليه أحد من الصحابة في العلم والمعرفة ، وبما أن أهم ركن من أركان الإمامة هو العلم والحكمة والمعرفة فإنّ أجدر الناس لهذا المقام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله هو علي بن أبي طالب عليهالسلام.
سعة علم الإمام علي عليهالسلام وحكمته
إنّ دائرة علم علي بن أبي طالب عليهالسلام وحكمته واسعة إلى درجة أن شعاع نور علمه بلغ مبلغ اعترف به حتّى مخالفيه ولم يقدروا على إنكاره بل كانوا يرجعون إليه في قضاياهم وما تشتبك عليهم من الامور ، فكان مرجعاً علمياً لهم حيث كان الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه يرجعون إليه في كثير من التعقيدات العلميّة والمشاكل الفقهيّة أيّام المحنة والسكوت الطويل ، والأمثلة على ذلك كثيرة في تاريخ صدر الإسلام ونكتفي هنا بذكر نماذج منها :
١ ـ المرجعية العلمية للإمام علي عليهالسلام
يقول أنس ابن مالك خادم رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ رسول الله قال لعلي بن أبي طالب عليهالسلام :
«انْتَ تُبيّنُ لِأُمَّتِي ما اخْتَلَفُوا فِيهِ بَعْدِي» (٢).
وأحد وظائف الإمامة والولاية المهمة هي حفظ حريم القرآن وخزانة العلوم النبوية ونقلها بصورة صحيحة إلى العلماء والفقهاء وشرح ما أشكل عليهم من مفاهيم وأحكام إلهية ، وتتّضح أهمية هذا الدور والوظيفة للإمامة فيما لو علمنا أن الكثير من الامم والبلدان التي حققت انتصارات على امم اخرى كبيرة ولكنها عجزت في نفس الوقت عن التصدّي
__________________
(١) شواهد التنزيل : ج ١ ، ص ١٠٥ ، ح ١٤٦.
(٢) مستدرك الصحيحين : ج ٣ ، ص ١٢٢ ، وكنز العمّال : ج ٦ ، ص ١٥٦ ، والمرحوم التستري في إحقاق الحقّ : ج ٦ ، ص ٥٢ و ٥٣ ، إضافة إلى المصدرين المذكورين وردت هذه الرواية في أربعة كتب اخرى أيضاً.