العظيمة وتتلاشى في الفضاء نتيجة اصطدامها فيما بينها في الفضاء بحيث تتحول إلى غبار منثور ، وبعد ذلك يقوم الله تعالى بخلق عالم الآخرة على خرائب وأطلال عالم الدنيا ويخلق أرضاً وسماءً جديدة ، وفي ذلك اليوم تدبُّ الحياة في الأموات ويبعثون من قبورهم مرّة ثانية ويكونون على ثلاث طوائف :
١ ـ «أصحاب الميمنة» وهم السعداء والمفلحون في ذلك اليوم.
٢ ـ «أصحاب المشأمة» (١) وهم الأشخاص الذين يواجهون الشقاء والمصير السيئ وتقدّم إليهم صحيفة أعمالهم بيدهم الشمال.
٣ ـ (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) وهذه الطائفة من الناس هم أسعد حظاً من الطائفة الاولى وهم الذين ينالون وسام مقام القرب من الله تعالى بحيث لا يدانيهم في هذا المقام والمنزلة أحد من المؤمنين.
وبهذا التقسيم القرآني لطوائف الناس في ذلك اليوم تشرع الآيات الكريمة باستعراض أنواع المثوبات والعقوبات المقرّرة لأفراد هذه الطوائف الثلاث ، المثوبات التي تثير الوجد والفرح في قلوب المؤمنين ، والعقوبات الرهيبة التي تثير الفزع والخوف لدى كلّ إنسان.
وتتحدّث الآيات ١١ إلى ٢٦ عن المثوبات المقرّرة للسابقين والمقرّبين ، وهي المثوبات غير القابلة للتصور أحياناً ، وتتحدّث الآيات ٢٧ إلى ٤٠ عن مثوبات أصحاب اليمين ، ومن الآية ٤١ فما بعد يتحدّث القرآن الكريم عن عقوبات أصحاب الشمال بصورة مفصلة.
الشرح والتفسير :
من هم السابقون؟
(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) وهم الذين ينبغي أن يكونوا اسوة
__________________
(١) «الميمنة» و «المشأمة» يمكن تفسيرهما بمعنيين :
أحدهما : أن يكون المراد منهما هو اليُمن والبركة في الاولى ، والشؤم والشر في الثانية ، والآخر أن يكون المراد هو اليد اليمنى واليسرى ، حيث استخرج منهما هاتان الكلمتان للدلالة على أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ولكن يمكن القول بأن المعنى الأوّل أقرب إلى أجواء الآيات من خلال التقابل الموجود بينهما في سياق الآيات ، وكذلك يمكن القول بالثاني بلحاظ ما يرد في هذه الآيات من إعطاء كتاب الأعمال للصالحين بأيديهم اليمنى ، وإعطاء كتاب الأعمال للمجرمين بأيديهم الشمال.