يمكنه إدراك حقائق هذا العالم الدنيوي مهما بالغت امّه في إفهامه حسب الفرض ومهما كان ذكياً كابن سينا ، فإنه لا يستطيع تصور ما يجري في هذا العالم سوى اشباح وأوهام ، ولذلك ورد عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قوله :
«إنَّ اللهَ يَقُولُ : اعْدَدْتُ لِعِبادِيَ الصّالِحينَ ما لا عَيْنٌ رَأتْ ، وَلا اذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» (١).
وعلى هذا الأساس فمن الممكن أن يكون لكلمة معنىً خاص في عالمنا الدنيوي هذا ولكنه يحمل معنىً آخر عند استعماله في مورد النعم والمواهب الاخروية في الجنّة ، وسيأتي توضيح أكثر في البحوث اللاحقة حول هذا الموضوع.
وبعد بيان هذه المقدّمة نستعرض النعم الاثني عشر في الجنّة لهؤلاء الأولياء :
النعم الاثنا عشر في الجنّة
١ ـ السكينة والهدوء النفسي
(فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) فأوّل نعمة ينالها هؤلاء الأولياء في الجنّة هي نعمة الاستقرار والهدوء النفسي حيث يدفع عنهم الله تعالى شرور ذلك اليوم ومشكلاته ومصاعبه ويغرقهم في أجواء الفرح والسرور ، ويتّضح من ذكر الآيات الشريفة نعمة الهدوء النفسي والسكينة الروحية باعتبارها أوّل نعمة من النعم الإلهية في الجنّة كونها نعمة مهمة وثمينة جدّاً ، والحقيقة هي أنها كذلك حيث إنّ الاطمئنان الروحي للإنسان يمثل أغلى شيء يناله الشخص في الدنيا والآخرة ، ويتبين هذا المعنى في الأشخاص الذين يمتلكون مختلف المواهب والنعم في الدنيا ولكنهم لا يعيشون الاستقرار والهدوء النفسي فإنّ هذه النعم والإمكانات المادية والدنيوية تتحول إلى أدوات لتثوير حالة القلق والاضطراب والعذاب النفسي لهؤلاء ، ولهذا نرى أن الكثير من الأثرياء وأبناء الامراء قد يتوجهون نحو الانتحار للتخلص من عناصر القلق والاضطراب النفسي ، ويقال
__________________
(١) نفحات القرآن : ج ٦ ، ص ٣٠٢.