ولهذا السبب أخّروا هجومهم إلى بواكر الصباح ، وعند ما حانت اللحظة المناسبة وهجموا على بيت النبي صلىاللهعليهوآله وهم يقصدون قتله ، قام الإمام علي عليهالسلام من الفراش قبل أن يصلوا إليه وصاح بهم : ما ذا تريدون؟
وعند ما تفاجأ المشركون بهذا الأمر ورأوا علي ابن أبي طالب في فراش النبي أخذتهم الدهشة وقالوا : يا عليّ نحن نريد محمّداً فأين هو؟
فأجابهم : هل أودعتموه عندي حتّى تطلبوه مني؟
فتحيّروا في جوابه وما ذا يصنعون به ، هل يقتلونه أو يتركونه؟ فقال أبو جهل : لنترك هذا الشاب المغامر فقد خدعه محمّد وأنامه في فراشه لينجو بنفسه.
فلمّا سمع الإمام علي عليهالسلام بهذه الكلمات الموهنة له ولرسول الله قال بمنتهى الشجاعة والجرأة :
أَلي تَقُولُ هذا يا ابا جَهْل! إن الله قَدْ اعْطانِي مِنَ الْعَقْلِ ما لَوْ قُسِّمَ عَلى جَميعِ حُمَقاءِ الدُّنْيا وَمَجانينِها لَصاروُا بِهِ عُقلاءَ ، وَمِنَ الْقُوَّةِ ما لَوْ قُسِّمَ عَلى جَميعِ ضُعَفاءِ الدُّنْيا لَصاروُا بِهِ اقْويَاءَ ، وَمِنَ الشُّجاعَةِ ما لَوْ قُسِّمَ عَلَى جَميعِ جُبَناءِ الدُّنْيا لَصاروُا بِهِ شَجْعاناً. (١)
فأنا قد عرفت نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله وآمنت بالإسلام عن معرفة ولذلك تقدّمت إلى هذا العمل بكلِّ إخلاص وإيمان ، وبعد أن حدثت بينهما مشادّة خرج أعداء الإسلام من بيت النبوّة خجلين وآيسين وخرج الإمام علي عليهالسلام من هذه الواقعة مرفوع الرأس ومسروراً لأدائه المهمة الرسالية.
٣ ـ الله تعالى يباهي بإيثار أمير المؤمنين عليهالسلام
لقد أورد «الثعلبي» وهو أحد مفسّري أهل السنّة المعروفين للآية مورد البحث ، رواية
__________________
وهمجية من العرب الجاهليين ، لأننا نرى في هذا العصر هجوم أمريكا وبريطانيا على افغانستان بصورة وحشية حيث لم يرحموا النساء والأطفال والشيوخ ، وحتّى المرضى في المستشفيات لم يسلموا من تعرضهم وأذاهم.
(١) بحار الأنوار : ج ١٩ ، ص ٨٣.