ولكنّهم عند ما شاهدوا أنّ النبي الأكرم قد جمع المسلمين في صحراء غدير خم في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة في السنة العاشرة للهجرة واختار خليفة له على المسلمين وهو أعلمهم وأقدرهم في تدبير امور المجتمع الإسلامي فإنّ أملهم هذا قد تبدّل إلى يأس كامل ، وتبخرت حينذاك طموحاتهم وتمنياتهم وأغلقت فيه النافذة الوحيدة للأمل لديهم فيئسوا من هزيمة الإسلام إلى الأبد.
ثانياً : مع انتخاب الإمام علي عليهالسلام خليفة ووصياً للرسول فإنّ النبوة لن تنقطع بل استمرت في سيرها التكاملي لأن الإمامة هي تكميل للنبوة وبالتالي فالإمامة هي السبب في كمال الدين ، وعلى هذا الأساس فإن الله تعالى قد أكمل دينه بنصبه الإمام علي خليفة على المسلمين وهو الشخصية المتميزة من بين المسلمين بالعلم والقدرة والتقوى والفضيلة بما لا يدانيه أحد بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
ثالثاً : إن النعم الإلهية قد تمت على المسلمين بنصب الإمام علي خليفة وإماماً بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
رابعاً : إنّ الإسلام بلا شك سوف لا يكون ديناً عالمياً وشمولياً وخاتم الأديان بدون عنصر الإمامة ، لأن الدين الذي يعتبر نفسه خاتم الأديان يجب أن يتضمن إجابات كافية على حاجات الناس المتكثرة والمتوالية في جميع الأزمان ، وهذا المعنى لا يتسنى من دون إمام معصوم في كلّ زمان من الأزمنة.
والنتيجة هي أن تفسير الآية الشريفة بواقعة الغدير هو التفسير الوحيد والمقبول من جميع الجهات.
المراد من إكمال الدين
وقد ذكر المفسّرون في تفسير هذا المقطع من الآية الشريفة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...) ثلاث نظريات :
١ ـ إن المراد من «الدين» هو القوانين ، أي أن ذلك اليوم كملت فيه قوانين الإسلام فلا يوجد في الإسلام خلأ قانوني وفراغ تشريعي بعد الآن.