ولكنّ الجواب على هذه النظرية يمكن أن يثير سؤال وهو :
ما هذا القانون المهم أو الحادثة المهمة التي وقعت في ذلك اليوم وأدّت إلى تكميل القوانين الإلهية والتشريعات السماوية؟
وفي الجواب على هذا السؤال يكمن مضمون الآية الشريفة ومدلولها.
٢ ـ ذهب البعض إلى أن المقصود من كلمة «الدين» في الآية أعلاه هو «الحجّ» أي أنّ الله تعالى قد أكمل حجّ المسلمين في ذلك اليوم العظيم.
ولكن هل أنّ الدين يستعمل بمعنى الحجّ واقعاً ، أو أنّ الدين هو مجموعة العقائد والأعمال والعبادات التي يشكل الحجّ أحدها؟
من الواضح أن احتمال الثاني هو الصحيح ، وعليه فإن تفسير الدين بمعنى الحجّ هو تفسير غير مقبول ولا يقوم على دليل متين.
٣ ـ إنّ تحقق مضمون الآية الشريفة في إكمال الدين وإتمام النعمة في هذا اليوم بأنّ الله تعالى نصر فيه المسلمين على أعدائهم وخلّصهم من شرّ هؤلاء الأعداء.
ولكن هل يصحّ هذا الكلام؟ فمن هم الأعداء الذين غلبوا وشعروا باليأس؟ فبالنسبة إلى المشركين فقد استسلموا ودخلوا في الإسلام في السنة الثامنة للهجرة عند فتح مكة ، وبالنسبة إلى يهود المدينة وخيبر وقبائل بني النظير وبني قينقاع وبني قريظة فإنّهم قد هزموا في سنوات سابقة في معركة خيبر والأحزاب فتركوا الجزيرة العربية وخرجوا إلى خارج الحكومة الإسلامية ، وأمّا بالنسبة إلى النصارى فقد أمضوا معاهدة الصلح مع المسلمين ، وعليه فإن جميع أعداء الإسلام قد استسلموا قبل السنة العاشرة للهجرة.
نعم ، بقي خطر المنافقين الذين يمثّلون أخطر أعداء الإسلام حيث لا زال خطرهم ماثلاً أمام المسلمين ، ولكن كيف يمكن القول بأنهم قد انهزموا وأصابهم اليأس؟
هنا نجد أن هذا السؤال بقي بلا جواب مقنع كما هو حال السؤال المطروح في النظرية الاولى والذي لم يتقدم أصحاب هذه النظرية بالجواب على هذا السؤال.
أما تفسير علماء الشيعة فكما تقدّم آنفاً فإنّه يجيب على جميع الأسئلة ويلقي ضوءاً خاصّاً على مفهوم الآية وأجواءها.