منها الشعر المعروف الذي انشده «شهاب الدين» المشهور ب «حيص بيص» (١) في رثائه لأهل البيت عليهمالسلام ، عن لسانهم في مخاطبة قاتليهم :
مَلَكْنا فَكانَ الْعَفْوُ مِنّا سَجِيَّةً |
|
فَلَمّا مَلَكْتُمْ سالَ بِالدَّمِ أَبْطَحُ |
وَحَلَّلْتُمُ قَتْلَ الاسارى وَطالَما |
|
غَدَوْنا عَنِ الاسْرى نَعْفُوا وَنصْفَحُ (٢) |
ومن الواضح أن مقاتل أهل البيت عليهمالسلام كانت على الأغلب في العراق وكربلاء والكوفة والمدينة ، وما اريق دمٌ في ابطح مكّة أبداً ، نعم إن بعض أهل البيت عليهمالسلام استشهدوا في واقعة «فخ» التي تبعد عن مكّة ما يقرب من فرسخين ، والحال أنّ الابطح يجاور مكّة.
وشاعرٌ آخر يرثي الإمام الحسين عليهالسلام سيّد الشهداء قائلاً :
وَتَانُّ نَفْسي لَلرُّبُوعِ وَقَدْ غَدا |
|
بَيْتَ النَّبِيِّ مُقَطَّعُ الاطْنابِ |
بَيْتٌ لِآلِ المُصْطَفى فِي كَرْبَلا |
|
ضَرَبُوهُ بَيْنَ أَباطِحٍ وَرَوابي(٣) |
وثمة أشعار اخرى كثيرة ورد فيها تعبير «الابطح» أو «الاباطح» لا تعني منطقة خاصة في مكّة.
وملخّص الكلام ، صحيح أن أحد معاني الابطح هو بقعة في مكّة ، إلّا أنّ معنى ومفهوم ومصداق الابطح لا ينحصر بتلك البقعة.
٣ ـ كيفية ارتباط هذه الآية بما قبلها وبعدها
إن بعض المفسّرين ومن أجل مجانبة الحقيقة الكامنة في هذه الآية توسّل بمبرر آخر
__________________
(١) اسمه «سعد بن محمّد بن سعد بن صيفي التميمي» ويلقّب ب «شهاب الدين» ومشهور بلقب «حيص بيص» ، وكان من فقهاء الشافعية وله معرفة واسعة بالعلوم ولكنه كان أعلم بالشعر والبلاغة ، أما السبب في شهرته بلقب «حيص بيص» فقد ذكروا أن الناس كانوا في عسر وضيق فقال : ما للناس في حيص وبيص؟ فعرف بهذه الكلمة ، توفي عام ٥٥٤ أو ٥٧٤ أو ٥٧٧ ه. ق ، ودفن في مقابر قريش. (ريحانة الأدب : ج ٢ ، ص ٩٧).
(٢). الغدير : ج ١ ، ص ٢٥٥.