قَبْل نُزُولِكَ ، وَوَطِّىءِ الْمَنْزِلَ قَبْلَ حُلُولِكَ ، فَلَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ ، وَلَا إلَى الدُّنْيَا مُنْصَرَفٌ (١).
وهكذا نرى أن أفضل وسيلة لعبور هذا المضيق الخطر والعقبة الكئود وأفضل زاد لسفر القيامة والورود في صحراء المحشر هو مساعدة الفقراء والمحتاجين والإحسان إليهم ، فهذا العمل في الحقيقة يشبه ما إذا دفعنا ما نحتاجه في صحراء المحشر إلى هؤلاء الفقراء والمساكين في الدنيا ليحملوه عنا ثمّ يعيدونه إلينا في ذلك اليوم العسير ، فهل هناك أفضل من هذه المعاملة المربحة؟
٢ ـ وينقل المحدّث الكليني وهو من كبار علماء الشيعة حديثاً في الكافي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنه قال :
ثَلَاثٌ مَنْ اتَى اللهَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ اوْجَبَ اللهُ لَهُ الْجَنَّةِ ؛ الْانْفاقُ مِنْ اقْتَارٍ (٢) ، وَالْبِشْرُ لِجَمِيعِ الْعَالَمِ (٣) ، وَالْانْصَافُ مِنْ نَفْسِهِ. (٤)
وهكذا ندرك أهمية أن يرى الإنسان حقّه وحقوق الآخرين بعين واحدة وينصف الناس من نفسه ، ولهذا ورد في رواية اخرى قوله عليهالسلام :
انَّ اللهَ يُحِبُّ الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ الَّذِي يُحِبُّ لأِخيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَيُكِرْهُ لَهُ مَا يُكْرِهُ لِنَفْسِهِ. (٥)
٢ ـ المعيار في العمل ليس كميّته
والشيء الآخر الذي يمكن أن نستوحيه من آيات سورة الدهر هي أن الإسلام يرى أن
__________________
(١) نهج البلاغة : الرسالة ٣١.
(٢) ورد في بعض الروايات أنه «إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة» (وسائل الشيعة : ج ٦ ، ص ٢٥٩).
(٣) وفي رواية : «صنائع المعروف وحسن البشر يكسبان المحبّة ويدخلان الجنّة» (الكافي : ج ٢ ، باب حسن البشر ، ح ٥.
(٤) الكافي : ج ٢ ، ص ١٠٣ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب حسن البشر ، ح ٢.
(٥) بحار الأنوار : ج ٢٧ ، ص ٨٩.