جميلة وجذّابة حول حادثة ليلة المبيت نذكرها هنا كما رواها هو :
«لما عزم النبي صلىاللهعليهوآله على الهجرة إلى المدينة ، ترك علي بن أبي طالب في مكّة ليؤدي الديون التي عليه والأمانات إلى أهلها ، وأمره ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار ، أن ينام على فراشه ، وقال له : اتشح ببردي الأخضر ونم على فراشي فإنه لا يصل منهم إليك مكروه إن شاء الله ، ففعل ذلك علي عليهالسلام فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل أني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة ، فأوحى الله تعالى إليهما : أفلا كنتما مثل علي؟ آخيت بينه وبين محمّد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ، أهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه ، فنزلا فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه ينادي :
بَخٍّ بَخٍّ لَكَ يَا بْنَ ابِي طالِبٍ ، مَنْ مِثلُكَ؟ وَقَدْ باهَى اللهُ بِكَ مَلائِكَةَ السَّمَاوَاتِ وَفَاخَرَ بِكَ(١)».
فهل يتصور مقام أعلى من هذا المقام؟!
ومن هنا ندرك أن الشيعة عند ما يعظّمون أهل هذا البيت ويتبعون أمير المؤمنين عليهالسلام فإن ذلك لا يعني التعصّب الأعمى على مستوى الحساسيّة المذهبية بل بسبب مقاماته المعنوية السامية وفضائله الكثيرة.
توصية الآية
كلّ شيء في سبيل نيل رضا الله
بالرغم من أن الآية الشريفة كما أشرنا سابقاً ، نزلت في ليلة هجرة النبي صلىاللهعليهوآله وفي شأن الإمام علي عليهالسلام ، ولكنها كسائر الآيات القرآنية تتضمن حكماً كلياً وعاماً ، فمن حيث إن هذه الآية تقع في مقابل الآية السابقة «وَمِنَ النّاس مَنْ يُعْجِبُكَ ...» فيتضح جيداً أن هذه الطائفة من الناس التي تشير إليها هذه الآية محل البحث تقع في مقابل الطائفة السابقة ،
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٩ ، ص ٨٥.