فلو لم يكن النبي حيّاً فلما ذا هذا السلام ، وعلى من يكون ، وما ذا يعني؟
النتيجة هي أن التوسل بالأولياء جائز في حال حياتهم وبعد موتهم ، ولا فرق هناك بين موت هؤلاء وحياتهم في هذه المسألة.
التوسل في الروايات
لقد ورد التوسل في روايات الفريقين الشيعة والسنّة بشكل واسع ، ونشير هنا إلى بعض هذه الروايات الواردة في مصادر أهل السنّة :
١ ـ ينقل البيهقي أحد علماء أهل السنّة عن أنس «الخادم الخاصّ للنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله» قوله :
جاء رجل من الأعراب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنشد يقول :
اتَيْناكَ وَالْعُذْراءُ يُدْمِي لِبانَها |
|
وَقَدْ شَغَلَتْ امُّ الصَّبِيَّ عَنِ الطِّفْلِ |
وَلَيْسَ لَنا الّا الَيْكَ فِرَارُنَا |
|
وَايْنَ فِرَارُ الْخَلْقِ الّا الى الرُّسُلِ |
فعند ما سمع النبي صلىاللهعليهوآله بحال هذا الرجل المؤلمة تأثّر كثيراً وتوجّه إلى المسجد وهو يجرّ بردائه من شدّة الهمّ والحزن ، فصعد المنبر ورفع يديه للدعاء ، وما زال يدعو حتّى نزل المطر ونجى الناس من القحط (١).
فطبقاً لهذه الرواية فإنّ ذلك الأعرابي توسل في زمان حياة النبي صلىاللهعليهوآله به ، ولم يمنعه رسول الله صلىاللهعليهوآله من ذلك أو ينهاه.
٢ ـ ويورد البخاري في كتابه رواية في هذا المجال ، وهي أن الناس أصيبوا بالقحط في أيّام رسول الله صلىاللهعليهوآله فجاءوا إليه يشكون إليه حالهم ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله فنزل المطر ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله :
«لَوْ كانَ أَبُو طالِبٍ حَيّاً لَقَرَّتْ عَيْناهُ» (١).
__________________
(١) كشف الارتياب : ص ٣١٠ ، وللاطلاع على البحوث المتعلقة بصلاة الاستسقاء راجع كتابنا «تحقيق حول صلاة الاستسقاء».