وهذه الجملة من كلام النبي صلىاللهعليهوآله إشارة إلى ما كان من النبي قبل البعثة من دعاء أبي طالب لنزول المطر وكان النبي يومذاك رضيعاً ، فأخذه أبو طالب وأقسم على الله تعالى بحقّ هذا الطفل إلّا ما أنزلت علينا المطر. فاستجيب دعاؤه ونجا الناس من الهلاك والقحط ، ثمّ إن أبا طالب أنشد أبياتاً من الشعر مطلعها :
وَابْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمامُ بِوَجْهِهِ |
|
ثَمالُ الْيَتامى عِصْمَةٌ لِلْأَرامِلِ (٢) |
والخلاصة أن الناس طبقاً لهذه الرواية كانوا قبل البعثة وبعدها يتوسلون إلى الله تعالى بالنبيّ الكريم صلىاللهعليهوآله ولن يتحرك النبي الأكرم لمنعهم من هذا العمل بل إنه أثنى عليه بحيث إنه طلب من البعض أن يقرءوا أشعار أبي طالب التي قالها بمناسبة واقعة الاستسقاء فتكفل الإمام علي عليهالسلام بهذه المهمة.
٣ ـ قال السمهودي أحد كبار علماء أهل السنّة في كتابه «وفاء الوفاء» عن مالك أحد أئمّة المذاهب الأربعة لأهل السنّة : ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله فقال مالك : يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في المسجد فإن الله تعالى أدب قوماً فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)(٣) ، ومدح قوماً فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)(٤) ، وذمّ قوماً فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(٥)
فقال منصور : هذا كان في حياته لا بعد مماته.
فقال مالك : «حُرْمَتُهُ مَيِّتاً كَحُرْمَتِهِ حَيّاً». (٦)
__________________
(١) كشف الارتياب : ص ٣١٠.
(٢) كشف الارتياب : ص ٣١١.
(٣) سورة الحجرات : الآية ٢.
(٤) سورة الحجرات : الآية ٣.
(٥) سورة الحجرات : الآية ٤.
(٦) وفاء الوفاء : ج ١ ، ص ٤٢٢ نقلاً من كشف الارتياب : ص ٣١٧.