يعدّ أمراً ضرورياً جدّاً في عملية الإصلاح الاجتماعي أو نجاح الحكومة ، ومن أجل تحصيل هذه الغاية فلا بدّ من النفوذ إلى قلوب الناس وجذب مودّتهم وكسب حبّهم ، وعند ما نرى أن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قد نجح في مدّة قصيرة أن ينشر دعوته السماوية إلى شرق العالم وغربه ويوحّد قلوب المسلمين ويزيل عنهم الأحقاد والتعصّبات القديمة ويشكّل جيشاً موحّداً وقويّاً استطاع بواسطته أن يوصل دعوته الإلهية إلى شتّى بقاع المعمورة فإنّ ذلك كان بسبب أخلاقه السامية ونفوذه العجيب في قلوب الناس من المسلمين وغير المسلمين كما يحدّثنا القرآن الكريم عن هذه الحقيقة ويقول :
(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)(١)
وهكذا بالنسبة إلى النبي إبراهيم عليهالسلام عند ما هاجر بأمر من الله تعالى إلى مكّة وأسكن زوجته وطفله الرضيع في أرض قاحلة لا ماء فيها ولا غذاء ومن دون زاد ومتاع إلى جانب بيت الله الحرام ، رفع يديه للدعاء وقال :
(رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)(٢)
فكان إبراهيم عليهالسلام يعلم أن النفوذ إلى القلوب هو أعظم رأس مال للإنسان ولهذا طلب من الله تعالى أن يجعل محبّة أهل بيته في قلوب الناس.
الإمام الخميني رحمهالله بدوره لم يكن لديه منذ بداية الثورة ولآخر يوم من أيامها سلاحاً مهمّاً من الأسلحة المتعارفة ليواجه بها أعوان الشاه وجيشه المسلّح ، ولكنه كان يمتلك سلاحاً أقوى فاعليّة وأمضى قوّة من جميع الأسلحة المتطورة لطاغوت زمانه ، وهو المحبّة في قلوب الناس وتعاطف الجماهير مع دعوته الإلهية ، والخلاصة أن عنصر النفوذ في القلب يعدّ أهم رأس مال للقادة والمصلحين في سائر المجتمعات البشرية.
__________________
(١) سورة آل عمران : الآية ١٥٩.
(٢) سورة إبراهيم : الآية ٣٧.